“تزاحم استعارات” الى غزه
للتخلص من الدلالات کلها
للخروج من طور الأسماء
لرؤية الأشياء كما هي
للرجوع إلى ما قبل أن يتعلم آدم الأسماء كلها
لا ينقصني سوى بعض المهدئات وحبوب النوم
وبعض الفضاء
تذوب المفردات
ويتوسع مجال الحلم
صور لا دلالات لها
لا حاجة للتعبير وإن وُجد
فالتعبير هو حاجتنا لرسم حدود الفهم
والمفردة رغبتنا في امتلاك المُسمّى
أمّا الآن
فلا حاجة لي لوصف ما أشعر به
من ألم ومن حنين
ما بين حلم وحلم
وما بين حزن وحزن
لا حاجة لي لتسمية الأشياء
ففي كل اسم خدعة
أقول:
تبقى الأسماء وتُنسى الأشياء
يُنسى المدلول ويبقى الدالّ
والدالُّ هو من يحمل التاريخ والكراهية
ويحمل القدسية
فالأشياء بريئة قبل تسميتها
بريئة قبل اختزال المعاني
معانٍ صنعت لتكون أداة للحياة
فأصبحت ذريعة للممات
كالثالوث الحزين
أبٌ يترك أبناءه للذئاب
وابنٌ يموت من كثرة الموت
وروح القدس التي دنستها الأسماء
ومجاز يطغى على الواقع
وأناس يموتون لا لشيء
بل لأنهم أصبحوا ـ مصادفة ـ رمزاً لشيء ما
تكرر حتى أصبح واقعهم
هي في البدء كانت الكلمة
فالبداية ـ أصل البداية ـ كانت محضَ مجاز
ومحضَ رموز
ومحضَ استعارات
وإبليس الوجه الآخر للأب عندما يفرط في الشرب..
أو في المجاز…
وفي حلمي
أعلم أنَّ كلَّ عقيدة
وفكرة يمكن أن تكون ضرورية
لضمان بقاء فصيلة
وأعلم أننا علينا أن نؤمن
بالزمان والفضاء والحركة
دون يقين!
فأمّا المكانُ فهو عصيٌّ
والزمان
ساعات تتساقط على هامتي
وتعلو كوشوشة
والأيام صراخ متردد/
لا طاقة لي بالأسابيع..
في عتمة الوضوح والنهار
يختبئ الموت ويسأل:
ـ متى يا ترى؟
ويضحك ساخراً متربصاً:
ـ فتمنوا إن كنتم صادقين
ولا يتلَحَّفُ بالظلام
يأتي في وَضَح الضوء والصخب
بأجنحة تنطق بالخوف
من عمارات كانت مشيدة قبل قليل
ضوء مظلم يمتص كل بصيص
ترتعد الأرض بعد رؤيته بثوانٍ
تقيس من خلالها مسافة الموت عنك
إن تسني لك عدَّها
وفي الليل وحده نعرف الطريق
لأن الجنود ينامون أيضاً
ويسود السكون
على المعاني التي انتهكت عصمة الإنسان
نحتاج للكثير من النسيان
قبيل انبلاج المعاني من جديد
يهدأ الصخب قليلاً
وتخمد النيران
ويهبط الغبار
وأهلوس من جديد
في الليل وحده نعرف الطريق
دعونا نعدّ الضحايا
لنبكي قليلاً
ونشرب قليلاً
من خمرة غير ناضجة
هنا لا وقت للصبر على الخمر
لاوقت للتعتيق/
لا يمكن تأجيلها لأنّ القدر
يحوم حولنا
لنشربها كما هي الآن
ـ دعوهم يسكبوا دمي
ما نفعه إن كان لا يُعَتَّق
هكذا تقول جثة الطفل الضحية
وتنام!
مهدي الفرطوسي
الأهواز، 18 اكتوبر 2023