الحريري والعبدة وخطبة الوداع

أحضر نصر الحريري مصورا محترفا ووضع لوحة القراءة أمامه وقرأ علينا خطبة الوداع، ووضع على التويتر تحتها مباشرة : المرشح الوحيد لخلافتي حتى الآن هو أنس العبدة.

كانت مراسيم تبادل الأدوار قد تمت بحضور موظف أمن تركي من الدرجة الثالثة قبل الاجتماع. وبدأ الاجتماع الافتراضي.. صحيح أن كورونا تستر ما قبلها وما بعدها، ولكن قبل كورونا كانت السلطات السعودية قد رفضت إعطاء فيزا للسيد الحريري وأوقفت الماستر كارت الذي يستعمله لمصاريفه الخاصة والعامة لانتهاء ولايته منذ ستة أشهر.

في أية هيئة سياسية تنتهي ولايتها، يقدم الرئيس تقريرا يسميه الفرنسيون Morale أي أخلاقي، والأنجلو ساكسون (تقرير سياسي)، ويقرأ بنفسه أو يترك الحديث لأمين السر لقراءة التقرير المالي.

طبعا، وبسبب الصراعات على السياسات والولاءات، وعلى المناصب، غاب أمين السر ونائب الرئيس وثلاث كتل أساسية عن الاجتماع، الأمر الذي يعني أن من مهمة الرئيس تقديم التقرير المالي أيضا.

فماذا قال لنا نصر الحريري في خطبة الوداع ؟

ماذا فعلت الهيئة التفاوضية خلال عامين ونصف العام ؟

حسب أقوال الحريري نفسه، قامت الهيئة بتطبيق سياسة داود أوغلو في إطروحته الجامعية: صفر مشاكل، ولكن بقراءة ائتلافية إخوانية: صفر نشاط.

طبعا كله من “ابن الكلب” النظام الذي لا يريد التفاوض ويماطل ويتلاعب بالجماعة الدولية والأمم المتحدة ويحقق انتصارات عسكرية في الميدان ومصالحات خيانية في مناطق سيطرته..

نفهم من الحريري أنه فشل في ولايته ومهمته، ولكنه برئ من هذا الفشل (مثل قصة برهان غليون الذي اعترف بعطب الذات وأصر على براءته من هذا العطب).

 السبب يعود “إلى عدم انسجام بين مكونات الهيئة، رفض الكثير من السوريين لها بحجة أنها تحوي عناصر أقرب إلى النظام من جهة أو أنها تسعى إلى المصالحة المزيفة مع النظام من جهة أخرى… وبدء ظهور مبادرات خارج الهيئة (أي مؤتمر الأستانة الذي شارك فيه الحريري كمستشار للفصائل؟؟).. حتى جاء السيد الحريري تحدي جديد، هو مؤتمر سوتشي: “هذا التحدي يتمثل في مؤتمر سوتشي واللجنة الدستورية”.”وبعد طول تفكير وبثقة وإرادة قررنا الدخول في هذا التحدي، لمنع حلفاء النظام من خطف الثورة”…

تصوروا نصر الحريري يفكر.. ثم يطيل التفكير، ثم يقرر بثقة وإرادة حمل راية “أنصار النظام وأعداء الثورة” ومنجزاتهم في مؤتمر سوتشي، حتى لا يقومون بخطف هذه الثورة منه؟؟ وقام بإدخال مخرجات سوتشي في جنيف وتحت رعاية الأمم المتحدة ….

طبعا لا يوجد بين المشاركين بالاجتماع رجل واحد يقول له: يا سيد نصر، أنت وائتلافك وهيئة التنسيق صوتوا ضد المشاركة في مؤتمر سوتشي، وهددتوا من يشارك من العشرة الذين صوتوا مع الحضور بالفصل.. ومتابعة اللجنة الدستورية في جنيف وبإشراف المبعوث الأممي نص عليها “بيان سوتشي” وليس بأفضالك؟؟.. “أفضالك” ومآثرك لا تتعدى ترشيح أشخاص للجنة الدستورية تلوثت أيديهم بالدم والفساد، تنفيذا لأوامر سيدك العثماني.

لا خوف من هكذا مساءلة، فكل من حضر الاجتماع، لا يختلف عن مجلس شعب النظام، حضور يصفق ويكبّر.

أخيرا، سلّم نصر الحريري الأمانة إلى أنس العبدة، وتبادلا المناصب، وخرج علينا الإعلام القطري والتركي، بجناحيهما القرضاوي وأبو العزم بشاراتي، بالحديث عن “انتصار الثورة على الثورة المضادة”..

آخ يا وطن.. شو تشرشحت كلمة ثورة، وشو تشرشحت كلمة الثوار…

خطبة الوداع النبوية دشنت لانتشار الإسلام في العالم، أما خطبة الوداع الحريرية، فوضعت نعش الهيئة التفاوضية في مقبرة آيا صوفيا، غير مأسوف عليها.

عظم الله أجركم وتقبل صيامكم، وكل هيئة تفاوضية وأنتم بألف خير…

ملاحظة: لم يتقدم أحد بالتقرير المالي ومصاريف المتفرغين بدءا من الرئيس إلى المكاتب الفرعية الممولة علنا من المملكة العربية السعودية والاتحاد الأوربي وتحت الطاولة من الشنط القطرية.

كركدن  أورج

Scroll to Top