الأستاذ علي الصايغ //
جمال الأتاسي سيرة حياة ونضال طويلة لا يمكن اختصارها في سطور ..
وفي سيرة حياته لابد من التوقف عند فكره ورؤيته السياسية للتغيير .. فلطالما كان في أبحاثه ومقالاته يكرر السؤال: مالعمل ؟؟؟ بعد أن يعرض واقع حال أمتنا وما آلت اليه أوضاع أوطاننا، وهذا الارتكاس الذي حدث بالثورة الناصرية، وما أحدثه غياب عبد الناصر من فراغ كبير نفذت عبره قوى الرجعية والانفصال، وتربعت النظم الاستبدادية فوق ظهر مواطنيها، وأحكمت قبضتها بالتعاون مع قوى الفساد والافساد .. فكان يرى أن الفكر الناصري .. هو فكر جدلي .. فكر يصل للكلية التي تتجاوز الأجزاء في منظور واحد .. فكر يبحث عن الكلية التي تربط الأجزاء في قواسم مشتركة .. في تفاعل مع التيارات الفكرية بعملية تفاعلية تجاوزية تصب في نهج استراتيجي ومسار تاريخي وفق منهجية ربط الفكر بحركة الواقع وهو يتغير، والفعل في هذا الواقع ومواجهة صراعاته، في موقف ثوري يتطلع دائما للجدوى والهدف
كما استند في رؤيته السياسية على قاعدة (النقد المزدوج طريق للاستيعاب) الذي يستوعب الثابت والمتغير عبر نقد التجربة الناصرية بما لها وعليها، ونقد ذاتي للقوى السياسية، والقوى الناصرية التي حملت لواء الناصرية وموقعها ودورها وقصورها وإشكالاتها. ورأى أن إشكالية الافتراق بين القواعد الشعبية وبين النخب السياسية لا سبيل لرتق الخلل فيها إلا بوجود طليعة ترتبط عضويا بالكتلة الشعبية العريضة، وتمتلك القدرة على فهمها وقيادتها وبالتالي وجود الحزب الثوري المعبر عن هذه الطليعة. مؤكدا على عدم الاستكانة للواقع مهما كانت رداءته وانحطاطه، ومهما تكالبت قوى الردة والقوى الرجعية والانفصالية وقوى التدخل الخارجي في محاولة فرض الأمر الواقع. وبأنه لا يمكن سد فراغ غياب عبد الناصر إلا بقيادة (وليس فردا) قوى طليعية تعمل من أجل رؤية وهدف، وتقود عملية التنظيم والتغيير الجذري وعبر تواصل جيل الثورة مع الجيل الجديد وفهم تجربته ومعاناته وإعطاء الجيل الجديد الفرصة للإبداع الحلول المناسبة لتغيير واقعه. وركز دائما على رفض المذهبية وتأسيس الدولة الديمقراطية، دولة كل المواطنين، ولكل الأمة على اختلاف تياراتها الايديولوجية ومذاهبها ومعتقداتها الدينية . وبأن الديمقراطية نظام حكم، وطريق للخلاص من النظم الشمولية، والاستبداد السياسي المملوكي، إنه طريق لإرساء قواعد التداول السلمي للسلطة، وتسييد حقوق المواطنة والعدالة، وهو طريق أنجزته البشرية ولا تختص به أو تصلح له أمة أو دولة دون غيرها. إنه طريق للخروج من التفتت والانقسام والتخلف والعجز وصنع حياة كريمة في ظل دولة الحق والقانون، ومجتمعات مدنية تسوسها روح المواطنية والمساواة، وقيم الحرية وحقوق الإنسان، والتجاوب مع الحداثة وروح العصر. وسعى دائما لوحدة العمل الوطني والقومي كمنهج استراتيجي للنضال الوطني وأيضا للنضال القومي، فهو أحد مؤسسي وحدة القوى السياسية عبر الجبهات والتجمعات والإطارات الوطنية ، والتحالفات والمؤتمرات القومية وتشكيل أوسع تيار وطني في مواجهة نظام الاستبداد الشمولي وتغييره بالوسائل السلمية، من أجل فرض تحقيق الانتقال السياسي
يرى الدكتور الأتاسي أن تلك الكيانات القطرية القائمة على الاستبداد السياسي والمتصادمة مع النهج الديمقراطي ببعده القومي قد فشلت في درء المخاطر التي تجتاحها لتصل الى أنها باتت مهددة حتى في استمرار كياناتها القطرية . وان ولادة حزب وطني قومي ديمقراطي يتأسس على رؤية ومنهاج يقوم على قراءة جديدة للواقع ، وبلورة جديدة لأساليب العمل، يطرح رؤيته للتغيير الوطني الديمقراطي في كل ساحة من ساحات الوطن العربي وصولا الى الوحدة القومية. وفي مواجهة في الأنظمة الاستبدادية يرى اعتماد رؤية غرامشي في استراتيجية “حرب المواقع” في العمل السياسي، بالتقدم إلى المواقع المختلفة في الهيمنة السلطوية، تبدأ من حيث أضعف ثم إلى حيث أقوى، إنها خلع للهيمنة باحتلال المواقع واحداً بعد آخر بالتوجه العام أولاً إلى الجماهير، وأن تأخذ القوى السياسية الثورية مواقعها في قلب القوى الاجتماعية وفئات المجتمع المتعددة، وتنهض بها ومن خلالها كل القوى السياسية، وتدخل في توجهات كل وطني وديمقراطي، مقدمة لاستكشاف الطريق إلى حركة الجماهير وتحريضها وبناء تلاحمها الوطني والنهوض بوعيها السياسي، والعودة بها إلى ساحات النضال ككتلة تاريخية فاعلة، كما يرى أن النهضة هي رؤيةً وفعل، رؤية مستقبل نُحيله حاضراً إذ نقوله، وفعل يحقق هذه الرؤية.. وهكذا تصبح الثقافة رسالة (وبتعبيرنا نقول سياسة وإرادة تغيير ) “… مؤكدا على دور المثقف العضوي ووصفه بأنه يندرج في ” تلك الفئة من المثقفين التي تميزت بموقفها المعبر عن ضمير الشعب ومعاناة الأمة، تلك الفئة التي يمكن أن تشكل النواة الصلبة لعمل وحدوي منتج، لتنتقل بوعي قضية الأمة وأزمتها من شكله المضمر في الوجدان الشعبي إلى الشعور الجمعي، حيث يأخذ شكلاً محدد المعالم.. ولتعطي من جديد مفهومها للأمة ووحدة الأمة، وما تحمله من معان ومعايير و مقومات، ومن أهداف مستقبلية، وتضع الأمة على طريق تجدد حضاري ونهضة .
ومن الكتب التي صدرت له :
1) “حول القومية والإشتراكية”-المطبعة العالمية، القاهرة، 1957. وهو كتاب ألفه مشاركة مع بعض زعماء البعث: ميشيل عفلق، وأكرم الحوراني، ومنيف الرزاز، وفيه وضع فيه هؤلاء الزعماء نظريتهم في الإشتراكية وبيان مذهبهم في البعث
2) “في الفكر السياسي”-دار دمشق، دمشق-1963م، ألفه مشاركة مع ياسين الحافظ، الياس مرقص، وجيل مارتيليه.
3) “إطلالة على التجربة الثورية لجمال عبدالناصر وعلى فكره الإستراتيجي والتاريخي” –معهد الانماء العربي، بيروت-1981م. ودار المستقبل العربي ، القاهرة 1883.
4 ) “النظام العالمي الجديد”-بيروت-1991م
5 ) “الاشتراكية بين ماضيها ومستقبلها”
6 ) كتيب الحوار مقدمة العمل
7 ) حوار مع مجدي رياض حول “الناصرية ”
9 ) كتب العديد والعديد من المقالات الفكرية والسياسية ، وكانت له العديد من اللقاءات والحوارات السياسية مع الصحف المحلية والعربية التي تناولت مختلف مجالات الفكر والسياسة .
كما أنه عمل على ترجمة عدة كتب إلى العربية، منها:
1) “تفكير كارل ماركس: نقد الدين والفلسفة”-جان ايف كالفيز-دار اليقظة العربية، دمشق-1959م، ترجمه مشاركة مع الدكتور سامي الدروبي
2) “المذهب المادي والثورة”-جان بول سارتر-دار اليقظة العربية، دمشق-1960م، ترجمه مشاركة مع الدكتور سامي الدروبي، وقد بدأه الأتاسي بمقدمة نقدية
3) “معذبو الأرض Les Damnés de la Terre”-فرانتز فانون-دار الطليعة، بيروت-1963م، ترجمه مشاركة مع الدكتور سامي الدروبي، ثم طبع عام 1968م في دمشق (وزارة التربية) ليدرس للصف الثاني الثانوي، ثم عام 1970م بدمشق (وزارة التربية) ليدرس للصف الثالث الثانوي
4) “مدخل إلى علم السياسة”-موريس دوفرجيه-دار دمشق، دمشق، ترجمه مشاركة مع الدكتور سامي الدروبي
5) “تاريخ الإشتراكية الأوروبية”-إيلي هاليفي-ترجمة جمال الاتاس دار طلس دمشق
ومن الكتب التي صدرت له وجدت:
1) “حول القومية والإشتراكية”-المطبعة العالمية، القاهرة، 1957. وهو كتاب ألفه مشاركة مع بعض زعماء البعث: ميشيل عفلق، وأكرم الحوراني، ومنيف الرزاز، وفيه وضع فيه هؤلاء الزعماء نظريتهم في الإشتراكية وبيان مذهبهم في البعث
2) “في الفكر السياسي”-دار دمشق، دمشق-1963م، ألفه مشاركة مع ياسين الحافظ، الياس مرقص، وجيل مارتيليه.
3) “إطلالة على التجربة الثورية لجمال عبدالناصر وعلى فكره الإستراتيجي والتاريخي” –معهد الانماء العربي، بيروت-1981م.
4) “جمال عبدالناصر والتجربة الثورية: إطلالة على فكره الإستتراتيجي والتاريخي” –دار المستقبل العربي، القاهرة-1983م.
5) “النظام العالمي الجديد”-بيروت-1991م
6) “الاشتراكية بين ماضيها ومستقبلها”
– كما كتب العديد والعديد من المقالات الفكرية والسياسية
توفي في يوم الخميس 30 آذار/مارس عام 2000