الإسلام وخصائصه السامية

من أهم خصائص الإسلام أنه دين السلام، والدعوة إلى السلام، والسعي لتحقيق السلام في كل مكان وزمان. وقد أوضح القرآن الكريم هذه الصفة في العديد من الآيات، منها قوله تعالى: “إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون” (النحل: 90).

وإن من أهم مظاهر السلام في الإسلام هو المعالجة السلمية، والمحاورة الفكرية أساسا لدعوته. وهذه الخصيصة لا يجاريه فيها وثيقة دولية، ولا يباريه قانون دولي، بل هو يتبوأ في ذلك ذروة تتقاصر دونها سائر المساعي البشرية.

ففي الإسلام، يعد من قتل نفسا بغير حق فكأنما أباد النوع البشري بأسره، ومن أحياها فكأنما أحياه: “من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا” (المائدة: 32). هكذا تبلغ حرمة حق الحياة في الإسلام.

ثم إن دعوته تتخذ من حرية أفراده وطلاقة مشيئتهم، أصلًا أصيلًا، كما نقرأ في سورة مكية قوله تعالى: “ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين” (يونس: 99). وكما استقر الأمر على ذلك في سورة مدنية وذلك قوله تعالى: “لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي” (البقرة: 256). وهو أصل يدل أيضا على حرمة حق الحرية.

وإزاء هاتين الحرمتين، حق الحياة وحق الحرية، يبدو قصور ميثاق الأمم المتحدة، ولا يستوي شيء مع منهج القرآن الكريم الكامل المتكامل.

الإسلام والدعوة إلى السلام:

لقد حث الإسلام على السلام في كل مجالات الحياة، سواء في العلاقة بين الفرد ونفسه، أو في العلاقة بين الفرد والمجتمع، أو في العلاقة بين الأمم والشعوب.

ففي العلاقة بين الفرد ونفسه، دعا الإسلام إلى السلام النفسي الداخلي، وذلك بتحقيق التوازن بين العقل والروح، والرغبة والشهوة، والعدل والإحسان.

وفي العلاقة بين الفرد والمجتمع، دعا الإسلام إلى السلام الاجتماعي، وذلك بتحقيق العدل والمساواة بين أفراد المجتمع، وتوفير الأمن والاستقرار لهم.

وفي العلاقة بين الأمم والشعوب، دعا الإسلام إلى السلام العالمي، وذلك بإقامة العلاقات الودية بين الأمم، والتعاون فيما بينها، وحل النزاعات بالطرق السلمية.

الإسلام والمعالجة السلمية:

لقد ميز الإسلام نفسه عن غيره من الأديان والفلسفات في أسلوبه في الدعوة، حيث اتبعه أسلوب المعالجة السلمية، والمحاورة الفكرية، بعيدا عن العنف أو الإكراه.

وهذا الأسلوب السلمي في الدعوة يستند إلى عدة مبادئ، منها:

مبدأ احترام الإنسان، وكرامته، وحقوقه.

مبدأ الحوار، والنقاش، وتبادل الآراء.

مبدأ التدرج في الدعوة، والصبر على المخالفين.

وقد تمثل هذا الأسلوب السلمي في الدعوة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث دعا الناس إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم يلجأ إلى العنف أو الإكراه.

فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قد ذم وحذر من استعمال العنف واللجوء إليه، وذلك بقوله -صلى الله عليه وسلم- “إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، وَيُعْطِي على الرِّفق ما لا يُعطي عَلى العُنفِ، وَما لا يُعْطِي عَلى مَا سِوَاهُ.” رواه مسلم في صحيحه.

وأحب أن أورد هنا ما قاله الشيخ عبد الله العلايلي -بتصرف- في كتابه ” مشاهد وقصص من أيام النبوة” ما يلي:

«فالنبي -صلى الله عليه وسلم- جاء بالإحسان مبدأً على شتى وجوهه ومن أقطاره، ليطفئ نار الحرب في السلم الظالم وفي الصراع العاتي، ليَرُدَّ ذئاب البشر إلى الذئاب بتمزيق أقنعتهم في سلم الإنسان.

وبهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أول من حارب الحرب وألغى مشروعيتها، وأعلن حرمة الإنسان أيًّا كان.

إن الحرب شذوذ في طبيعة الإنسان يصيبها بالانتكاس، والنبي -صلى الله عليه وسلم- نصير الإنسانية، يكره ما هو من الحرب ولو بمنزلة الاسم لأنه جاء ليقيم الإنسان على قاعدة الإحسان.

إن الحرب هي العدوان طمعًا وعتوًا واضطهادا، وهي رجوع إلى الحيوانية الضارية التي تستضيق، على رحابة الوجود، بغير ذاتها فتستجيب إلى العدوان وتنازع الآمنين على بقائهم. وأما نحن فإننا نكافح هذا العدوان لنخلص الإنسانية من أدران الضراوة الباغية، فلسنا نحارب منازعة على البقاء، بل تعميمًا لحرية البقاء وهذا ليس حربًا، بل نضالٌ ضد الحرب، وإن النضال من أجل حقوق الإنسان ودونها إحسان».

الإسلام والحرية:

لقد أكد الإسلام على حرية الإنسان في الاعتقاد والتفكير والسلوك، وحرم الإكراه في الدين.

وهذا المبدأ ينبع من أن الله تعالى خلق الإنسان حرا، وكرمه بالعقل والفكر، وجعله مسؤولا عن تصرفاته.

ولقد جسد هذا المبدأ في العديد من الآيات القرآنية، ومنها قوله تعالى: “لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي” (البقرة: 256).

خاتمة:

إن الإسلام دين السلام والحرية والرحمة، وهو يدعو إلى تحقيق هذه القيم في كل مكان.

وأسلوبه السلمي في الدعوة، وتأكيده على حرية الإنسان، هما من أهم الخصائص التي تميزه عن غيره من الأديان والفلسفات.

Scroll to Top