المحاضرة الأولى في دورات الـتأهيل العالي للكوادر السياسية والحقوقية التي ينظمها المعهد الاسكندنافي لحقوق الإنسان والمرصد السوري لحقوق الإنسان وملتقى حوران للمواطنة والشبكة السورية لانتخابات حرة ونزيهة والمعهد الدولي للسلام والعدالة
وحقوق الإنسان ولجنة مؤتمر القاهرة. محاضرة عن بعد ألقيت مساء الإثنين 19/04/2021. ويمكن متابعتها بالصوت والصورة والنقاشات على اليوتوب.
مساء الخير
فجعنا في اليومين السابقين بفقدان المناضلين الكبيرين حبيب عيسى وميشيل كيلو، لروحهما الطاهرة الرحمة وللوطن والأهل العزاء
الأعزاء
من الصعب تناول مواضيع بهذه الأهمية في ساعة واحدة، قرّ قرارنا، الصديق أبجر مالول وأنا، على أن أتقدم في هذا الجزء بعرض تاريخي ونظري لموضوعي السيادة والهوية، على أن نستكمل موضوع العقد الاجتماعي في المثال السوري في الندوة الثانية التي سنعلمكم بموعدها.
السيادة: من ويستفاليا إلى دمشق
دخل مفهوم السيادة Souveraineté في انطلاقات عصر الحداثة السياسية كسلاح مفاهيمي وتعبوي، ولعل في الإجابة على السؤال: باسم من تمارس هذه السياسة، يكمن الإنقلاب الفكري- السياسي الأهم على حقب تاريخية طويلة عاشتها البشرية، وليس فقط أوربة القروسطية، شهدت الحاكم المقدس والحاكم باسم المقدس، وملك الدم الأزرق إلى خليفة خليفة خليفة… رسول الله” .. حيث يُستمد السلطان من حق إلهي أو يعتبر إقامة حكم الله في الأرض مصدر شرعيته.
أسس مفهوم السيادة لسياسة دنيوية باعتباره الشرط النظري لسيرورة تسلم الناس مقادير حياتهم بأنفسهم. ففي الحداثة تصبح السياسة شأناً إنسانياً صرفاً بعد أن كانت عبر التاريخ تعلو عليهم وتتجاوزهم. ولا يعني الانتقال من سيادة (السلطان- الملك المطلق- الخليفة..)، إلى سيادة الدولة، غير تدهير الدولة، أي تحويلها إلى كائن تاريخي، بعد أن كانت خارج التاريخ و “فوق الإرادة البشرية”. “وحين نقول إن مفهوم السيادة هو مبدأ الحداثة السياسية فذلك لأنه مبدأ فردنة الشعوب التاريخية: فيه تحولت الجماعات التاريخية إلى شعوب وهويات سياسية مخصوصة، كأمم وكقوميات لها الحق “الطبيعي” في تقرير مصيرها وبناء دولتها التي تجسد هويتها”.
لم يكن الانتقال إلى شرعية الدولة الحديثة ممكناً من غير توسط عدد من المفاهيم التي تجعل من مبدأ السيادة متماسكاً منطقياً وفعالاً في التاريخ. ويقع في مقدم هذه المفاهيم العقد الاجتماعي، مبادئ حكم الشعب والمواطنة، تفكيك وفصل السلطات، والإرادة الجمعية التي تفصح عن فحواها بالتفويض، أي بالإنابة التمثيلية والانتخاب. ستؤكد الثورة الفرنسية في إعلان حقوق الإنسان والمواطن (1789) أن”مبدأ كل سيادة يكمن أساساً في الأمة، وكل سلطة للأفراد والجمهور لا تكون صادرة عنها تكون سلطة فاسدة“ (المادة 3) وأن ”السيادة تكمن في الشعب؛ إنها واحدة، لا تنقسم ولا تلغى ولا تنقل“ (المادة 25 من الإعلان المزيّد الصادر في 23 حزيران 1793)[1].
يمكن القول إن مبدأ السيادة تحوّل في السياسة الحديثة إلى سلاح حقوقي استراتيجي أي تعبوي وتحريضي، في بناء الدولة الحديثة والمعمورة إذن. قُصــد منه في الغرب نزع شرعية السلطة الملكية لصالح سلطة الأمة وذلك على صعيدين اثنين على الأقل. أولاهما صعيد الشرعية: شرعية الأمة مقابل شرعية قدسية الحق الإلهي. فما عاد الحكم حقاً بل إنابة وممارسة بعد تفويض من قبل صاحب الحق: الأمة. والصعيد الثاني هو صعيد التشريع: إرادة الأمة مقابل إرادة الملك. فقد عنت السيادة أنها تتيح للأمة أن تعبر عن حقها في تقرير مصيرها بنفسها ووفق إرادتها الحرة.
السيادة الويستفالية للدولة Westphalian sovereignty
غالبا ما يكتفي أساتذة العلوم السياسية اليوم بالحديث عن السيادة الوستفالية Westphalian sovereignty عند حديثهم عن طرق السيادة وتعاريفها، ونادرا ما يتعرضون لأصل وقصة ولادة هذا المفهوم للسيادة.
لم ينم مفهوم السيادة الحديث ويتقدم في فرمانات حكومية بقدر ما كان ابن صراعات فكرية-سياسية وفلسفية اجتاحت الوعي الجمعي في وسط وغربي أوربة. أما على صعيد الدول والإمارات، فقد كانت المسيرة متفاوتة السرعة متنوعة التعبير. وليس مفارقة أن يكون وضع حدٍ للحروب والنزاعات المسلحة من أهم عناصر إعادة تعريف الدولة ومفهوم سيادتها.
بعد عقود كثفت أبشع ما عاشت أوربة من حروب قبل القرن العشرين (حربَ الثلاثينَ عاماً في الإمبراطوريةِ الرومانيةِ المقدسةِ -وقعُتْ معظمُ مسارحِ هذهِ الحربِ في ألمانيا القديمة بحدودها ما قبل الحرب العالمية الأولى-، وحربُ الثمانينَ عاماً بينَ إسبانْيا ودولةُ المقاطعاتِ السبعِ المنخفضةِ المتحدةِ -هولنْدا اليوم-)[2]. وقّع مندوبو كل من الإمبراطور الروماني فرديناند الثالث (37-1657) وممالك فرنسا وإسبانيا والسويد وجمهورية هولندا والإمارات الكاثوليكية والبروتستنتية التابعة للإمبراطورية الرومانية المقدسة ما يعرف اليوم بصلح ويستفاليا traités de Westphalia صلحُ وستڤاليا أو سلامُ وستڤاليا (Peace of Westphalia) الاسمٌ العامٌّ الذي يُطلقُ على معاهدتي السلام التي أثمرت عنهما مفاوضات أوسنابروك ومونستر في 15 مايو/أيار 1648 و24 أكتوبر/تشرين الأول 1648.
يُعتبرُ صلحُ وستفاليا أولَ اتفاقيّةٍ دبلوماسيّةٍ في العصرِ الحديثِ تعتمد نظاما جديدا في أوربة الوسطى والغربية مبنيا على مبدأ سيادة الدول. وزرع فكرة الاعتراف العام بالسيادةِ الحصريةِ لكل دولةٍ على أراضيهِا وشعبِهِا والوكلاءِ الخارجيينَ لهَا، وبالمسؤوليةِ عنِ الأعمالِ الحربيّةِ لأولئكَ المواطنينَ والوكلاء.
أسسّ صلح وستفاليا أول قواعد التنظيم السياسي القائم على استبعاد الجهات الفاعلة الخارجية من هياكل السلطة داخل إقليم معين. ورغم وجود بصماته في مختلف أشكال بناء الدولة- الأمة، إلا أن النقاش حول إطلاق مفهوم سيادة الدولة الحديثة بدأ مبكرا، ولعل المفكر الألماني عمانوئيل كانت Kant (1724-1804) كان من أوائل من طرح إشكالية الطابع النسبي للسيادة في ثلاثة منطلقات مبكرة
1- ضرورة اعتبار الدولة لاعب رئيس ولكن غير وحيد
2- ضرورة إقرار قيم عالمية مشتركة (حقوق الإنسان، السلام..) بين الدول
3- هناك مصالح للدول، ولكن أيضا هناك مصالح للشعوب ومصالح تعني الجنس البشري بأكمله. من هنا ضرورة قيام رابطة سلمية للأمم (السلام الدائم، 1795).
شكل الاستعمار المباشر الطعنة الأولى في صدر عولمة مفهوم السيادة الوطنية للدول. وتبقى المادة 22 من ميثاق عصبة الأمم صفحة مشينة في محاولة الدول الاستعمارية تصنيف الدول والشعوب في هرمية تنتزع من البلدان غير الأوربية حقها في مبادئ السيادة الوستفالية عبر “شرعنة” مفهوم القوامة على شعوب المستعمرات إلى ما سمي “الأمم المتقدمة”[3]. وهذا المفهوم يشكل بالنسبة للعديد من المؤرخين، أحد أسباب انهيار تجربة “عصبة الأمم”.
من هنا صعوبة اتضاح الدور التاريخي الذي لعبه مفهوم السيادة في التاريخ الحديث كون القراءات الغربية قليلة التوقف عند طاقته التعبوية الكبيرة في الحركات القومية، الانفصالية والاستقلالية، في السنوات المئة الأخيرة من ناحية، وفي تشكيل قواعد القانون الدولي، من ناحية ثانية. فلئن كان حق تقرير المصير هو التعبير الحقوقي الإجرائي عن مفهوم السيادة بما هو السلاح التعبوي والتحريضي للشعوب المستعمَرة في النضال من أجل الاستقلال والتحرر من الهيمنة الاستعمارية. فإن مبدأ احترام الوحدة الترابية للدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية هو الوجه الدولي لمبدأ السيادة، ولكل النزاعات الحدودية (والعنف) التي تتصل به.
في كتابه “السيادة.. النفاق المنظم”، يستعرض ستيفان كراسنر[4] الطرق الأربع التي يستخدم فيها تعبير “السيادة” في المدارس السياسية المعاصرة : السيادة القانونية الدولية International legal sovereignty المبدأ الذي يقضي بوجوب منح الاعتراف الدولي فقط للدول المستقلة قانونًا وذات السيادةالسيادة الوستفالية Westphalian sovereignty التنظيم السياسي القائم على استبعاد الجهات الفاعلة الخارجية من هياكل السلطة ومراكز القرار داخل إقليم معينالسيادة المحلية أو الداخلية domestic sovereignty السيادة ما بين الاستقلالية interdependence sovereignty
وعبر استعراض أشكال التحول في هذا المفهوم ونسبيته، يتوصل كراسنر إلى امتلاك الدولة الوطنية غريزة قوية للبقاء خاصة وقد تكيفت حتى الآن، مع التحديات الجديدة – بما في ذلك تحدي العولمة.
ما من شك بأن أشكال النمو غير المتكافئة وسيطرة دول المركز في المنظومة العالمية World- System على دول المحيط في منظومة اقتصادية غير متكافئة، يشكل واحدا من أهم أشكال المقاومة للشعوب المستضعفة، التي تعتبر استقلال قرارها السياسي والاقتصادي جزءا من حقها في ممارسة سيادتها في إطار الدولة. خاصة وأن تجربة الشعوب مع القوى الكبرى في موضوعة “التدخل”، إنسانيا كان أو للحماية، كانت قائمة بشكل أساسي على المصالح القومية العليا للدول المتدخلة أكثر منه على قواعد قانون دولي أو قواعد تأخذ مصالح الشعوب بعين الإعتبار. من هنا، وحتى اليوم، نجد ميثاق الأمم المتحدة يحظر تدخل أية دولة في الشؤون الداخلية لدولة أخرى، إذ أن كل دولة حرة في اختيار وتطوير نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، من دون تدخل خارجي، غير أن سيادة الدولة، وفق القانون الدولي والتزاماته أيضا، أصبح يقّيد الدول، على الأقل من ناحية الالتزام والتصديق الطوعي على مواثيق حقوقية، تقوم على احترام الشرعة الدولية لحقوق الإنسان ومنع اضطهاد الجماعات الفرعية في حدود سيادتها، وتجريم ارتكاب جرائم الحرب، وجرائم إبادة الجنس البشري والجرائم ضد الإنسانية وجريمة العدوان؛ بمعنى آخر، لم تعد الدولة مطلقة التصرف في ميدان انتهاكات حقوق مواطنيها وفي العلاقات الدولية والعدالة الدولية، إذ هي تخضع للقانون الدولي المفروض على الدول بناءً على اعتبارات تعلو إرادتها، والذي يورد قيوداً على تصرفات الدول، ويحكم علاقاتها مع الدول الأخرى، ومع الهيئات الدولية.
إن الإقرار بوجود حقوق عالمية مشتركة لكل البشر، يعني أن مجالاً من المجالات الأساسية للاختصاص الداخلي للدولة قد أصبح محل تدخل للقانون الدولي بالتنظيم والحماية، وهو ما لا تقبله أي دولة بسهولة، قوية كانت أو ضعيفة، ولا سيما أن السيادة ومبدأ عدم التدخل يعتبران حتى اليوم، من الدعائم الأساسية للقانون الدولي، إلا أن ولادة المنظومة الدولية لحماية حقوق الإنسان ووجود اتفاقيات أساسية مشتركة بين الدول (كاتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني بشكل عام) وولادة المحكمة الجنائية الدولية بعد صيرورة محكمة العدل الدولية بعد قرابة قرن على انطلاقة فكرتها وهيكلتها مؤسسة لفض النزاعات بين الدول، جعلت من هذه الحقوق مدخلاً ومسألة دولية لا تقتصر على الاختصاص الداخلي للدول فقط، بل تتعداها للمحيط الدولي على أساس المصلحة الدولية الشاملة.. بحيث أصبح مقبولا، إن لم نقل ضروريا، وجود دور فاعل للأمم المتحدة ليس فقط في رقابة سلوك الدول الأعضاء في حالة تهديد السلم والأمن الدوليين، وإنما في وضع حد لحالات النزاع المسلح الداخلية في هذه الدولة أو تلك. الأمر الذي يوصلنا لفكرة التفاعل بين المؤسسة الأممية وشعوب البلدان التي تمزقها النزاعات المسلحة، من أجل بناء دولتها، بعد مرحلة النزاع والحروب الداخلية والخارجية.
مستقبل الدولة في المشرق !
لم تنتج مجتمعات شرقي المتوسط مفهوم السيادة في صراعاتها الفكرية الداخلية، اللهم إلا في مرحلة الاستعمار المباشر، فمن جهة، تعاملت الدول الاستعمارية مع البلدان المستعمرة بمنطق وصاية البالغ على القاصر الذي أقرته عصبة الأمم، في حيث حملت حركات التحرر الوطني، في الجهة المقابلة تصورا متقدما للدولة الوطنية ومؤسساتها، والدستور وأهميته كعقد اجتماعي ضروري لأبناء الدول بعد الاستعمارية، التي حملت الميراث الاستعماري في تقرير خريطة حدودها، وليس فقط في تقرير مصيرها. الأمر الذي نجم عنه كيانات سياسية “مستقلة” صغيرة ومتوسطة من الصعب أن تشكل مراكز قوى إقليمية أو دولية في لعبة الأمم.
بعد “النكبة” (1948) بدأت الجيوش الوطنية الوليدة تبحث عن دورها في غسل عار الأمة عبر جمع مقاليد السلطة بيدها في عملية بناء الدولة، باعتبارها “ضمانة وحدة الدولة واجتماع مقاليد السلطة وأساس الاستقرار” الذي يسمح بالتقدم الاقتصادي والتحرر القومي. “الجيش معقل العصرنة والعقلانية في مجتمعاتنا” جملة نجدها في العديد من الكتابات الناصرية واليسارية المصرية، ولكن أيضا عند كتبة “المنطلقات النظرية” لحزب البعث عشية المؤتمر السادس. وعدد من المثقفين الجزائريين في حقبة الهواري بومدين.. في جلسة وجدانية مع حسن الترابي في الخرطوم عبّر عن ذلك بالقول: “الخلاص من الاضطرابات الحزبية والسياسية كان ضروريا لعبد الناصر بعد حريق القاهرة، وضروريا عندنا ولو بثوب إسلامي هذه المرة حيث استقبلتُ العهد الجديد وراء القضبان خوفا من تدخل خارجي لإجهاض استلام الجيش للسلطة”. تربعت المؤسسة العسكرية على السلطة بالمعنى الواسع للكلمة، ورغم أن حافظ الأسد قد كلّف ابراهيم فوزي بتفصيل “دستور” على مقاسه، لم يرفع حالة الطوارئ يوما واحدا ومات قبل أن يطبق هذا الدستور ساعة من فترة حكمه. كان ما يسميه “الرفاق الكبار في موسكو” الطريق اللا رأسمالي للاشتراكية الوصف السوفييتي لتأميم ومصادرة المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بل والرياضية..
في سوريا كانت الترجمة العملية لمصادرة مؤسسات الدولة وتأميم الرأسمالية الوطنية:
للأولى: طغيان السلطة الأمنية العسكرية على المؤسسات التعليمية والثقافية والرقابية والسلطات الاسمية قضائية وتشريعية وتنفيذية،
والثانية: بناء رأسمالية دولة رثة تمسك برقاب المبادرات المجتمعية، أي الديناميات الضرورية لمواجهة طغيان المنظومة العالمية. الأمر الذي حوّل المجتمع إلى مجرد مورد يغذي ويمول ويصفق لأدوات السيطرة العارية.
لم يتغلغل مفهوم السيادة، سيادة المواطن، الشخص، أي وضع حد لعصر الإنسان القاصر. وسيادة الدولة، أي قدرتها على تمثّل الشرعية السياسية، بتعبير أوضح حظوتها بولاء شرائح واسعة من المجتمع والتفافهم حولها. لم يتغلغل هذا المفهوم في صلب الوعي الجمعي للدولة مهما كانت نسبة الوعي المجتمعي وحالة الاستلاب العقائدية والإيديولوجية فيه.
فرّغت النظم الوطنية مفهوم السيادة من محتواه بتغييبها للمواطنة باسم الوطن وخلطها بين أمنها كسلطة متسلطة وسيادة الدولة. كان القاسم المشترك الأعلى لهذه النظم تقديمها لنفسها كمشروع وحيد لخلاص الوطن. وبالتالي لا يمكن لمن يعارضها إلا أن يكون عدوا للوطن والأمة (وهن الأمة هي التهمة التي حكم بها على حبيب عيسى وميشيل كيلو بالسجن في العقد الأول من هذا القرن!!).
مع طغيان هامش مصادرة السلطات والثروات والحريات تمت عملية التحطيم المنهجي للتعبيرات السياسية والاجتماعية والثقافية في المجتمع فيما أحدث فراغا هائلا يتجاوز بكثير قضايا الصراع العربي الإسرائيلي ومفهوم المقاومة.
مهما كانت شعارات التحرر والمقاومة والوطنية المعلنة من دكتاتورية فاسدة ومفسدة براقة، لا يمكن أن تكون موضوع استقطاب وتأييد مجتمعي. لأن الناس يدركون بمعاناتهم اليومية أن عنجهية خطبة التسلط خاوية الوفاض، فكلما ابتعدت “دولة السيادة” عن سيادة مواطنيها عليها، كلما تراجعت مناعتها الذاتية وأصبحت هذه “السيادة” كالجوزة الفارغة هزيلة الصلابة وهزيلة المحتوى، أي التمثيل والحضور المجتمعي.
في نصف قرن من الآلام، تفرغت كل شعارات الوطنية/القومية من معناها ومبناها عند جيل كامل من الضحايا. ولم تعد هذه “الكائنات”، المسموح لها بالبقاء من قامعيها، تعطي الأولوية للمشروع الوطني التحرري على المدى القريب على الأقل. ولكن أليس خطاب هذه “الكائنات” الذي يعتبر كرامة المواطن شرطا واجب الوجوب لكرامة الوطن، الطريق الوحيد لإعادة الإعتبار لمفهوم الوطنية واستعادة السيادة والقرار؟
مقدمات عشر حول صناعة الهوية
- شكّل مفهوم الهوية منذ آلاف السنين وحتى اليوم، إشكالية غير قابلة للتجاوز في الوضع البشري. الأمر الذي لا يعني بحال عدم القدرة على عقلنة هذه الظاهرة أو تفكيك عناصر تواجدها في المجتمعات البشرية. مفهوم غامض ومعقد ومتشعب برز محركا للتحرر، عامل وحدة للجماعة، وعنصر تمايز وتباعد لها عن الآخر وهميا كان أو حقيقيا. هذا المكون “الثابت” في عتلة التغيير، كان أحيانا المنظّم الأساس لإعادة بناء العلاقات بين البشرية، وأحيان أخرى، العائق الأبرز أمام مسيرات التحول في تاريخ الأقوام والشعوب والدول.
- ستختلف الأسماء والأسباب والمقومات وستبقى هذه العملية التأملية للتمايز والتشابه، العام والخاص، النحن والآخر، العالمية والخصوصية، في صلب التكوينات الثقافية للبشرية. ذلك باعتبارها أكثر من سؤال الهوية لوحده، المؤجج الدائم لإعادة اكتشاف الإنسان لنفسه أفرادا وجماعات.. فكما كان الهراطقة يرددون في القرون الوسطى، “من يقدم مئة دليل على وجود الله لديه مئة شك بوجوده”.
- لم تكن الهوية يوما بنية مغلقة سكونية ثابتة، بل لم يكن بوسع أية جماعة أن تنتمي للعالم دون أن يتغلغل العالم في مقوماتها الداخلية وأن تدغدغ فضوله ببعض الخصائص الخلاقة في وجودها. لعل من الأمثلة الأكثر بلاغة في التاريخ لعملية غسل الدم الدائمة للهوية، التجربة الإسلامية. فقد تحولت من دعوة دينية إلى دولة- مدينة إلى إمبراطورية إلى دين كوني. وحدث ذلك بتعبيرات دينية هنا ودنيوية هناك، عبر عمليات انصهار واندماج دائمة في الثقافة والحياة. عمليات ولاء وانتماء وتزاوج وتداخل، في الحرب والسلم، كان العنصر المشترك الأساسي بينها المرونة والقدرة على إعادة تمثل صورة الذات، على الأقل في القرون الأربعة الأولى[5]. فالهوية تتكون عبر أزمات وليس العكس، كونها حركة تتكون عبر الأزمات. بالتالي، ورغم أن أساسها المفهومي التخيلي قائم على الثبات، فهي في تغير دائم، سريع، أم بطيء، بعوامل ذاتية أو خارجية لا يهم. المهم هو أن عمق أي شعور بالهوية قضية نسبية في المطلق. وفكرة الجمود في الهوية، التي قادت تيارات فكرية وسياسية، للخوض في مواجهة نظرية وسياسية بين الحرية والهوية، المواطنة والانتماء، النحن والآخر، هي ابنة أحكام مسبقة وثنائيات تحتضر لم يعد لها من معنى إلا لتفسير واقع إيديولوجي نمطي صنعه المثقف والسياسي[6].
- فرضت الدولة-الأمة نفسها بالتدريج كصيغة غالبة للنحن المجتمعية في أوربة. وتمتع صعود الفكرة القومية بشرعية متصاعدة للهوية القومية باعتبارها الصيغة السائدة للهوية منذ القرن الثامن عشر حتى القرن الماضي. لم تتشكل عملية “الوعي” القومي دون مخاضات مؤلمة في السيف والوعي، وتوظيف مباشر أو ضمني يجعل من القومية الأكبر في الكيان السياسي، قومية مهيمنة لا تقبل بأقل من (انصهار، إندماج أو ذوبان) القوميات الموجودة بمحض الظروف التاريخية لولادتها، سياسية أو عسكرية أو اقتصادية، في نطاق دولتها “المقدسة” وشعبها الواحد. إلا أنها وبقدر ما كانت تتبلور في إيديولوجيات بقدر ما تركت الباب مفتوحا أمام كل تعبيرات التطرف والتطرف المضاد. فباسم القومية الأكثر “نقاء” وعنفا وشمولية ارتكبت جرائم ضد الإنسانية بشكل لا سابق له في التكثيف المكاني والزماني في حربين كونيتين. لم يحمل هذا السقوط المريع نهاية حقبة تاريخية وحسب، بل نقطة انطلاق لأهم نقاشات حول الدولة-الأمة منذ قرون. حيث أعادت عملية بناء “الاتحاد الأوربي” من جديد، إلى طاولة البحث، مختلف الموضوعات المتعلقة بالتمايز عن الخارج والأسفل والأعلى (الخارج السياق العولمي القائم على المنافسة غير المتكافئة، الأسفل الهويات الفرعية الإثنية والعقائدية والعضوية، والأعلى حركة العولمة المضادة كآلية دفاع ذاتية). الأمر الذي يترك بصماته على أشكال الاحتواء والعلاقة بين الهوية “الأصلية” والهوية “الوسيطة”، جدل تراجع هويات وانتاج هويات أخرى… في تأكيد عملي، على أن عمليات تشكيل الهوية في سيرورة جدلية وحيوية ومعقدة دائمة حتى يومنا هذا، مهما اختلفت الثقافات والتجارب البشرية.
- لم يكن الرعيل الأول في الفضاء الثقافي العربي ابن ما يسمى في الأدبيات بالنهضة وحسب، بل ابن الهوية الأكبر التي تسمح بالإطلال على العالم والعيش بالبعد الإنساني، أو على الأقل الكوني. هذا الرعيل أسس لحركة وطنية دينها العلم تعتبر معركتها في اللحمة الوطنية، أي قبول مكونات المجتمع السياسي كافة، وبرنامجها في فتح المدارس وبناء المصانع وتعلّم الناس ومكافحة الهيمنة الخارجية. كان السؤال المركزي في النصف الأول من القرن العشرين: كيف يمكن بلورة هوية سياسية وثقافية ضمن حدود خضعت إما لإرادة موظفين من الدرجة الثانية في الإدارة الاستعمارية أو نتيجة لموازين قوى رجحت هذا الاتجاه أو ذاك؟ وحده الشعور الجماعي للمجتمع السياسي الجديد بالإنتماء إلى قضية كبيرة واحدة، هي التحرر من الاستعمار كان وراء التماسك الضروري لإنجاز الاستقلال الأول، أو التخلص من نفس القيود وتجاوز نفس الإشكالية.
- لم يحمل جيل الاستقلال مكارم مثقفي “النهضة”، عندما جعل من الدولة الوطنية المفصّلة على مقاس مستعمريها، دولة تدخلية في مواجهة مفتوحة مع المجتمع، وبالتالي في موقع معاد بالضرورة للأمة، بغض النظر عن طبيعتها وحدودها، إسلامية كانت أو عربية، مصرية أو سورية أو تركية. فعندما لم يعد بإمكان رواد الحقبة تحقيق الشرعية السياسية من تحت، صار بإمكان التجمعات الحاكمة الجديدة الذهاب بعيدا في فرض تصوّرها، مع قناعة واعية أو غير واعية، تعتبر أن الوصول إلى السلطة، ترخيص مطلق الصلاحيات، لإعادة فبركة الهوية السياسية للناس وفق تصوراتها الضيقة وأنموذجها المسخ، الأمر الذي خلق حالة فصام مزمنة بين هوية قومية معلنة ومنظومة حكم تستمد استمراريتها في السلطة من عصبيات محلية.
- لم يكن الإنسان-المواطن، لا نقطة الإنطلاق ولا هدفا، تسعى المشاريع الإيديولوجية والدول التسلطية التي وصلت للحكم، للوصول إليه. فقد ألغت الدولة التسلطية استقلالية كل الأشكال الوسيطة بين الدولة والمجتمع الواسع (نقابات مهنية، أحزاب سياسية، هيئات ثقافية، منظمات غير حكومية..) مع تفريد مفرط لعلاقتها بمكوناته. لم يبق أمام الأفراد العزّل في العلاقة الجلفة بين الدولة المصادرة وأفراد بلا حقوق، سوى الاحتماء من العراء في صحراء “حقوق” اسمية غائبة، إلى كوخ العلاقات العضوية. لكن يبقى من الضروري التذكير بأن آليات الدفاع الذاتي عند الناس ترفض الشعور أو التعبير عن أزمة، لأن الهوية عند غالبية البشر أيضا عنصر اطمئنان بامتياز Par excellence، لا بالعقل. ويمكن القول بأريحية أن هناك من يعيش ويموت دون أن يشعر بأنه في أزمة، كالإنسان الذي ينام أقل من حاجته الفيزيولوجية في اليوم ولا يشعر بالإصابة بأي نوع من الأرق. ففي عالم أصبح الخوف فيه إستراتيجية هيمنة وسيطرة للقوة الأعظم، يمكن القول أن البحث عن عناصر اطمئنان ذاتية تصبح الملاذ الضروري للأضعف كحالة دفاع ذاتي. لكن هذا الملاذ يحمل كل التناقضات التي دفعت بالجماعة إلى التراجع نحو عناصر يمكن التعرف عليها بسهولة والاطمئنان لها بعفوية.
- ليس بإمكان أية سلطة، تسلطية أو شمولية، مصادرة صناعة الهوية في حدود دول”تها”. تهميش نخب الجماعات الفرعية، الناجم عن مصادرة هذه العملية من فوق، عزز كل وسائل اعتناقها سياسات هوية “خاصة” في وجه الإندماج القسري الذي فرضته “هوية” السلطة الساحقة للمواطنة. ونجم عن ذلك ولادة تعبيرات سياسية مفتِتة لفرص بناء هوية جامعة، عبر تحويل التعددية القومية والطائفية إلى نقمة، ليس على “الهوية التسلطية المفروضة” وحسب، بل على اللحمة المجتمعية ووحدة الدولة نفسها. تسييس المكونات العضوية للمجتمع وإصابة المقموع بفيروسات القامع يشكلان، في الوعي واللا وعي السياسي، عملية تسييس وأدلجة، للطائفة والقومية والمناطقية عبر ممثلين وأحزاب تدعي تمثيل مصالح الجماعة الفرعية بأكملها، في تحويل لقواعد الأحزاب الإيديولوجية، دينية أو علمانية، إلى هويات ثقافية وعصبيات فرعية. ففي غياب عقد اجتماعي جاذب وجامع، لا تبصر هذه الأحزاب دستور “الوطن”، إلا من ثقب المادة الخاصة بما تعتبره حقا طبيعيا لها.
- بفقدانها للعصبية العليا، العصبية الجامعة، لا تغدو الدولة ممثلاً لهوية الجماعة وخصوصيتها و/ أو شخصيتها الوطنية، بقدر ما تصبح عنصر تفتيت لهذه العصبية، وحافزاً للتخلي عنها وللبحث عن الهوية المتآكلة في العصبيات الدنيا. وبدلاً من أن تكون هذه العصبيات الدنيا مصدراً من مصادر ثراء الشخصية الجماعية، تبرز العصبيات الدنيا (العائلية، المهنية، الإثنية والطائفية إلخ) كعصبيات وحيدة ممكنة. تنفجر الجماعة من داخلها، وتُختزل الدولة وتتقلص إلى الحد الذي تصبح هي بحد ذاتها واحدة من العصبيات التي تكوِّن النسيج الإجتماعي العام للجماعة البشرية وليست العصبية الجامعة فيها. “تصبح الدولة عصبية، أي طرفاً من أطراف الصراع وحافزاً على التصارع في آن. تغدو قوة عارية. تتكشف عن وثنيتها وتتحول إلى قوة تمزيق” كما يعبر محمد حافظ يعقوب. باختصار، تفقد الدولة وظيفتها كمرآة تعكس هوية الجماعة وشخصيتها. تصبح مرآة مقعَّرة لا ترى الجماعة فيها بالتالي سوى عاهتها وعطبها الذي يجدر استئصاله والبحث من خارجه، عمّا يشكل مساحة الأمان الضرورية للجماعة. هكذا تختزل العلاقة بين طرفي الدولة الرئيسين (السلطة والجماعة) وتتحول إلى علاقة قهر بين حاكم (ملك عضوض بلغة العرب القدماء) ومحكوم (مغلوب على أمره، مضهد ومقهور)[7].
- أضحت الهوية اليوم، في تداخل وجودي وحيوي، مع مبادئ الكرامة والعدالة واحترام حقوق الأشخاص. من هنا، تستوجب صياغة الهوية الوطنية-المواطنية اليوم، كفعل إرادي جماعي، إعادة بناء الدولة على أساس المواطنة الجامعة[8] لكل من يعيش في حدود الدولة. الدولة الحيادية التي تقف على مسافة واحدة من جميع الأديان والمكونات والقوميات والعقائد وتقوم على أساس العيش المشترك، كهوية مشتركة أساس لكل مواطنيها، ليس في مواجهة مع، أو إلغاء للهويات الفرعية. الأمر الذي يتطلب مفهوما للسيادة يعتبر الشرعة الدولية لحقوق الإنسان جزءا لا يتجزأ من أي تشريع. من هنا ضرورة التعامل مع مفهومي السيادة القانونية الدولية والسيادة ما بين الاستقلالية باعتبارهما طرفا في صياغة العقد الاجتماعي الجديد. أي بناء ما يطلق عليه يوجين هابرماس، “الوطنية الدستورية”. وذلك على أساس الرابطة الأخلاقية/الحقوقية العالمية، الديمقراطية وحكم القانون، والسلطة التوحيدية للدستور في مجتمع من المواطنين الأحرار.
—————
هذه المحاضرة، فصل من كتاب “بناء المواطنة” يصدر للمؤلف قريبا
[1] أنظر للتوسع: موسوعة الإمعان في حقوق الإنسان، مواد: مفهوم السيادة، الشرعية السياسية، السلطة وجان جاك روسو، التي حررها الدكتور محمد حافظ يعقوب. الطبعة الثانية، بيسان للنشر، بيروت، 2018.
[2] هبطتْ حرب الثلاثين بسكان ألمانيا منْ عشرينَ مليونا إلى ثلاثةَ عشرَ ونصفاً منَ الملايينِ، وبعدَ عامٍ أفاقتْ التربةُ التي روتْها دماءُ البشرِ، ولكنّها ظلتْ تنتظرُ مجيءَ الرجال. كانَ ثمّةَ وفرةٌ في النساءِ وندرةٌ في الرجال. لأن من عاديات الحرب قتل كتيبة عسكرية بأكملها إن رفضت الاستسلام، وكان وضع النساء في مناطق النزاع فظيعا لاعتبار مختلف الجبهات اغتصابهن مكافأة عادية للمقاتلين. غدتْ حالً الفعّالياتِ الاقتصاديّةِ والاجتماعيةِ وعامةِ الناسِ خراباً يباباً في معظمِ ألمانيا، وهيَ وإنْ تكُ أقلَّ فداحةً لكنها بعيدةٌ عنْ كونها يسيرةَ في بقيةِ البلدانِ، ولمْ تكُنِ الحرب خفيفةَ الوطأةِ على باقي الشعوبِ، ففي تشيكيا -مثلاً- انخفض تعدادُ السكان بمقدارِ الثلثِ، ومن بين 35 ألف قريةٍ في بوهيميا عامَ 1618 ثمة 29 ألفاً منها غدت مهجورةً أثناءَ الحربِ، وكذا البلدانِ التي شاركتْ في الحرب كالأراضي المنخفضة، وفرنسا وإسبانيا والسويد والإمبراطورية -بما فيهمْ رعاياها من مختلفِ الشعوب كالمجر والسلاف والتشيك -، والدويلاتِ الإيطاليّةِ وغيرها، وغدتْ خزائنُ الأباطرةِ والملوكِ والأمراءِ والسادةِ النبلاءِ خاويةً لا بسببِ الإنفاقِ على الحرب وحسبُ، ولكنْ أيضاً منِ انكماشِ مواردِهمْ انكماشاً ذريعاً بفعلِ النقصِ الهائلِ في المواردِ البشريّةِ، وخرابِ البنى التحتيّةِ وانعدامِ الأمنِ واضمحلالِ الأعمالِ. (أنظر: ويكيبيديا، الموسوعة الحرة، مادة صلح وستفاليا).
[3] نص المادة 22 من صك عصبة الأمم، المادة التي بني عليها نظام الانتداب الصادر في 24 تموز 1922
ف1) ـ المستعمرات والأقاليم التي ترتب على الحرب الأخيرة أنها لم تعد تخضع لسيادة الدول التي كانت تحكمها، والتي تقطنها شعوب غير قادرة على الوقوف وحدها في الأحوال القاسية للعالم الحديث يطبق عليها المبدأ القاضي بأن رفاهية هذه الشعوب وتقدمها إنما هي أمانة مقدسة في عنق المدنية، وبأن يشتمل العهد على الضمانات الكفيلة بالاضطلاع بهذه الأمانة.
ف2) إن أفضل وسيلة لوضع هذا المبدأ موضع التطبيق العملي هو أن يعهد بالقوامة على هذه الشعوب إلى الأمم المتقدمة، التي هي بحكم مواردها وتجاربها وموقعها الجغرافي، في مركز يسمح بالاضطلاع بهذه المسؤولية، والتي هي راغبة في قبولها، وأن تزاول هذه القوامة بوساطتهم، بوصفهم سلطات قائمة بالانتداب، وذلك بالنيابة عن العصبة.
ف3) يتعين أن يتفاوت طابع الانتداب بحسب مرحلة، تقدم الشعب، الموقع الجغرافي للإقليم، وأحواله الاقتصادية والأحوال المشابهة الأخرى.
[4] Stephen D. Krasner, Sovereignty, Organized Hypocrisy, Princeton, New Jersey, 1999.
[5] هيثم مناع، النهاية والبداية، صناعة الهوية، بيسان للنشر، بيروت، 2017، ص 83 وما بعدها.
[6] نفس المصدر، مناع، النهاية والبداية، ص 96.
[7] محمد حافظ يعقوب، العطب والدلالة، مذكور، ص 93.
[8]ما أسماه “تيار قمح” (قيم، مواطنة، حقوق) في بيانه التأسيسي دولة المواطنة، ويطلق عليه بيت الحكمة العراقي في ندوة له “دولة الإنسان”، كريستو المر يلخصه بالقول: الوصول إلى نظام إنسانيّ يحتاج إلى تعاون الأنقياء، وهم ليسوا نادرين، هم موجودون وبوفرة. إنشاء مظلّة وطنيّة جامعة تتبنّى خطّة «مواطنون ومواطنات في دولة» (الأخبار، مواطنون ومواطنات: من أجل مظلّة لبناء دولة مدنيّة،14 تموز/يوليو 2020)….