جبران خليل جبران
والعلم سُبلُ بانَ أولها أما أواخرها فالدهر والقدر
وأفضل العلم حلمٌ إن ظفرت به وسرت ما بين أبناء الكرى سخروا
فإن رأيت أخا الأحلام منفردا عن قومه وهو منبوذ ومحتقر
فهو النبي وبرد الغد يحجبه عن أمة برداء الأمس تأتزر
وهو الغريب عن الدنيا وساكنها وهو المجاهر لام الناس أو عذروا
وهو الشديد وإن أبدى ملاينة وهو البعيد تدانى الناس أم هجروا
ليس في الغابات علم لا ولا فيها الجهول
فإذا الأغصان مالت لم تقل هذا الجليل
إن علم الناس طرا كضباب في الحقول
فإذا الشمس أطلت من ورا الأفق يزول
أعطني الناي وغني فالغنا خير العلوم
وأنين الناي يبقى بعد أن تطفى النجوم
والدين في الناس حقل ليس يزرعه غيرُ الأولى لهم في زرعه وطر
من آمل بنعيم الخلد مبتشر ومن جهول يخاف النار تستعر
فالقوم لولا عقاب البعث ما عبدوا ربا ولولا الثواب المرتجى كفروا
كأنما الدين ضربٌ من متاجرهم إن واظبوا ربحوا أو أهملوا خسروا
ليس في الغابات دين لا ولا الكفر القبيح
فإذا البلبل غنى لم يقل هذا الصحيح
إن دين الناس يأتي مثل ظل ويروح
لم يقم في الأرض دين بعد طه والمسيح
أعطني الناي وغنّ فالغنا سر الوجود
وأنين الناي يبقى بعد أن يفنى الوجود