المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية: هل يكون الملف الفلسطيني طلقة الرحمة للمحكمة الجنائية الدولية أم لشبه المدعي العام كريم خان

// كلمة من تحرير كركدن

بعد المواجهة المفتوحة بين الرئيس الأمريكي السابق ترامب والمحكمة الجنائية الدولية، في حزيران/يونيو 2020، أصدر دونالد ترامب أمرا تنفيذيا سمح للولايات المتحدة بحظر أصول موظفي المحكمة الجنائية الدولية، ومنعهم وعائلاتهم المباشرة من دخول البلاد. في أيلول/سبتمبر 2020، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو؛ إن فاتو بنسودا ومسؤول كبير آخر في المحكمة الجنائية الدولية، فاكيسو موشوشوكو، ستتم معاقبتهم بموجب هذا الأمر، وأن أولئك الذين “يدعمون هؤلاء الأفراد ماديا يخاطرون بالتعرض للعقوبات أيضا”.
منذ تلك اللحظة، تسعى الحكومة البريطانية لانتزاع منصب المدعي العام، خوفا من صرخات ضمير تخرج عن هذه المؤسسة الدولية للعدالة الجنائية. وكان اختيار كريم خان مدروسا من كل النواحي، فهو من عائلة أحمدية مسلمة، ومن أصول باكستانية، وخلال ثلاث سنوات من عمله في ملف داعش، تجنب بحنكة موضوع تسليم أو عودة المقاتلين الأوروبيين لأوروبا وفق توجيهات الخارجية البريطانية. يعرف الخطوط الحمراء للولايات المتحدة الأمريكية، وكان أول تصريح له القرار بعدم إعطاء أولوية للولايات المتحدة الأمريكية في التحقيق في جرائم الحرب في أفغانستان. هذا حتى لا نتحدث عن سوابقه كمحام عن شخصيات دموية وقمعية ارتكبت جرائم جسيمة في بلدانها، باعتبار ذلك، كما وصف المحامي لوكلرك: “عندما تفتح مكتبا للمحاماة، مهمتك أن تدافع عن الزبون؛ عاهرا كان أو قاتلا”. الأمر الذي لم يمنع عشرات المنظمات الحقوقية والقضائية من الوقوف ضد اختياره “مدعيا عاما”؛ لأنه سيكون أسير من اختاره وفرضه على المحكمة الجنائية الدولية، رغم هزالة ملفه الشخصي.

استنفر السيد خان محققيه يوم تأججت الحرب الروسية الأوكرانية وأعلنت بعض دول الناتو مساعدة للمحكمة الجنائية الدولية بلغت وفق رويترز 250 مليون دولار. وأصدر خان مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. قال لنا بعض المحامين الأوربيين ربما يعطيه ذلك مشهد قوة واحترام في الغرب يمكن توظيفه في ملفات أخرى. إلا أن شيئا من هذا لم يحدث، فمهمة السيد خان خدمة من يدين لهم بمنصبه وهو يعرف ما هو مكلف به. لذا عندما شهد العالم على الهواء مباشرة القتل العشوائي والتهجير القسري والتصاريح العلنية بقتل أبناء غزة، وتحت ضغط عدد كبير من الدول الأعضاء في المحكمة، توجه السيد خان إلى معبر رفح الحدودي. ولكنه كان يحمل الخطاب الأنجلو أمريكي والغربي الرسمي عن أن التاريخ قد بدأ في السابع من أكتوبر. وأن ما قامت به حماس يرتقي إلى جريمة حرب! ماذا عن مقتل أكثر من عشرين ألف امرأة وطفل من الفلسطينيين؟ رغم طلبات دول عضو في المحكمة وقرابة 300 محامي بفتح التحقيق في جريمة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في غزة، خصّ المدعي العام تل أبيب بسفرته الثانية، لزيارة عائلات الرهائن ومستوطنات غلاف غزة.

حتى الصحافة والمنظمات غير الحكومية الإسرائيلية تستغرب هذه “الجرأة” في إغماض العين عما يجري وهو هناك.

نود أن نقول لكل الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية ولكل قضاتها: لقد أسقطت غزة كل الأقنعة، وصار من الضروري الإجابة على سؤال مصيري وحاسم:

هل يكون الملف الفلسطيني طلقة الرحمة للمحكمة الجنائية الدولية أم لشبه المدعي العام كريم خان؟

[su_quote]تعيد كركدن نشر مقال عن صحيفة هآرتس  قامت بترجمته غانية ملحيس وقدمت له، ثم البيان الصادر عن الحركة العالمية للدفاع عن فلسطين حول هذا الموضوع[/su_quote]

 

 المدعي العام للمحكمة الجنائية: هناك “سبب للاعتقاد” بأن حماس ارتكبت جرائم حرب في 7 أكتوبر

أمير تيبون -تقديم وترجمة غانية ملحيس

في سابقة ملفتة وجد كريم خان، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الوقت والموارد اللازمة بعد عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول /أكتوبر/ للقيام بزيارتين للمنطقة خلال أقل من شهر .( سبق التذرع منذ انتخابه في 12/2/2021 بعدم وجود الوقت والموارد الكافية للمباشرة بالتحقيق في ارتكاب جرائم حرب محتملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تنفيذا للقرار الذي أصدره قضاة المحكمة الجنائية الدولية في 5/2/2021 – أثناء ولاية المدعية العامة فاتي بنسودا – يقضي بأن المحكمة ومقرها لاهاي لها ولاية قضائية على الأراضي الفلسطينية. إذ أصدرت الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية قرارها بشأن طلب حول الولاية القضائية الإقليمية على فلسطين، وقررت بالأغلبية أن الاختصاص الإقليمي للمحكمة في فلسطين يشمل الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، وهي غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، على اعتبار أنّ فلسطين هي طرف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية). ما يمهد لفتح تحقيقات بشأن ارتكاب جرائم حرب محتملة فيها. وهو القرار الذي رفضه رئيس الوزراء الإسرائيلي على الفور واصفا المحكمة “بالهيئة السياسية”. وأعربت الولايات المتحدة الأمريكية فور صدور القرار عن “قلقها العميق” حيال قرار المحكمة.

تجدر الإشارة إلى أن كريم خان – كان قد تقلد منصب مستشار التاج البريطاني. وحقق في العديد من جرائم الحرب على مستوى العالم، إحداها جعلته محل جدل بعدما تولى الدفاع عن نائب الرئيس الكيني السابق وليام روتو أمام المحكمة الجنائية الدولية، وأسقطت اتهامات القتل (التي راح ضحيتها 1200 قتيل) والترحيل والاضطهاد التي وجهت إليه عقب الانتخابات التي شهدتها بلاده عام 2007.

ولم يكن اسم كريم خان مدرجا في القائمة المختصرة لمنصب المدعي العام، إلا أنه تم إضافته بناء على إصرار الحكومة الكينية، وانتخب في الجولة الثانية . وهو ثالث مدع عام منتخب في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية. وأول مدع عام ينتخب بالاقتراع السري. خلفا للمدعية العامة فاتي بنسودا – التي سبق وأن فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عليها عقوبات اقتصادية غير مسبوقة بسبب عزمها على إجراء تحقيق في جرائم الحرب في أفغانستان، والتي قد تشير إلى تورط جنود أمريكيين- .

الـزيارة الأولى للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كانت لمعبر رفح الحدودي بين غزة ومصر يوم العطلة الأحد في29/10/2023. ونشر، آنذاك، مقطعا مصورا على منصة إكس للتواصل الاجتماعي، قال فيه إنه يأمل في زيارة قطاع غزة وإسرائيل في أثناء وجوده بالمنطقة. وتابع أن هناك حقوقا للمدنيين بموجب القانون الدولي الإنساني. وقال “إن للمحكمة الجنائية ولاية قضائية على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المزعومة خلال هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر/ في إسرائيل وفي أراضي غزة”.

علما أنه كان قد قتل حتى تاريخ وصوله أكثر من 8000 شخص فلسطيني في قطاع غزة، نصفهم من الأطفال، وثلثهم من النساء فيما قتل 1200 شخص في إسرائيل/ غالبيتهم استهدفتهم الطائرات الإسرائيلية وفقا للتحقيق الرسمي السري المسرب للجيش الإسرائيلي/ في اليوم الأول من هجوم حركة حماس، وهو ما لم تعترف به ،بعد، السلطات الإسرائيلية التي حملت حركة حماس مسؤولية قتل 1400، خفضتهم لاحقا إلى 1200، واحتجاز حوالى 230 شخصا رهائن. منهم اكثر من مائة عسكري .

الملفت مماطلة كريم خان وعدم استجابته لأكثر من عامين لطلب رسمي وأهلي -بما في ذلك التحقيق في اغتيال الصحفية شرين أبو عاقلة – بممارسة ولاية المحكمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967. ومسارعته في تلبية دعوات شخصية لعائلات إسرائيلية تأثرت بهجوم حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر/ . وإصراره على أداء مهامه في غياب الاعتراف الإسرائيلي بولاية المحكمة الجنائية الدولية. وتأكيده بانه لن يردعه ”حتى لو حافظت إسرائيل على سياستها الحالية المتمثلة في عدم الاعتراف باختصاص المحكمة الجنائية الدولية وعدم التعاون معها”.

ترجمة المقال:

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في إسرائيل في أول زيارة له على الإطلاق: “سبب للاعتقاد” بأن حماس ارتكبت جرائم حرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر/”

قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية خان إن مكتبه سيكون سعيدا بالتعاون مع إسرائيل في التحقيق في أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر/، وأنه لن يردعه إجراء تحقيق، حتى لو حافظت إسرائيل على سياستها الحالية المتمثلة في عدم الاعتراف باختصاص المحكمة الجنائية الدولية وعدم التعاون معها.

للمرة الأولى على الإطلاق، زار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إسرائيل في نهاية الأسبوع، بدعوة من العديد من عائلات الإسرائيليين المحتجزين كرهائن لدى حماس في غزة

ولا تعترف إسرائيل باختصاص المحكمة في صراعها مع الفلسطينيين، لكن الحكومة الإسرائيلية قررت السماح بزيارة المدعي العام كريم خان، وهي مبادرة خاصة من العائلات التي دعته. كما زار خان السلطة الفلسطينية حيث التقى بالرئيس محمود عباس ومسؤولين آخرين.

قال خان في مقابلة مع صحيفة هآرتس، إن المحكمة تتمتع بصلاحية التحقيق في أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر، وأنه بعد زيارته التي استمرت ثلاثة أيام، أصبح لديه “سبب للاعتقاد” بأن الأفعال التي تم تعريفها على أنها جرائم وفقا للقانون الدولي قد ارتكبتها حماس. في ذلك اليوم.

وقال خان: “لم تكن هذه جرائم قتل عشوائية”، مشيرا إلى أن حماس “طاردت الناس” وأن “الأطفال تم اختطافهم من أسرتهم”. وذكر أيضا أن العديد من النساء وكبار السن قُتلوا، بما في ذلك الناجون من الهولوكوست.

وقال خان إن مكتبه سيكون سعيدا بالتعاون مع إسرائيل في التحقيق في أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر/، ولن يرتدع عن إجراء تحقيق، حتى لو حافظت إسرائيل على سياستها الحالية المتمثلة في عدم الاعتراف باختصاص المحكمة وعدم التعاون معها.

وأضاف أن عائلات الرهائن الإسرائيليين الذين دعوه لزيارة البلاد “لا يتوقعون التعاطف فحسب، بل العمل” في ضوء ما فعلته حماس بأحبائهم. لكنه كرر عدة مرات في المقابلة رغبته في العمل مع كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية في مثل هذا التحقيق.

وأصبحت زيارة خان غير المسبوقة ممكنة بعد أن التقى الشهر الماضي مع وفد من عائلات الرهائن الذين سافروا من إسرائيل إلى لاهاي. وخلال ذلك اللقاء، دعاه الأهالي لزيارة إسرائيل، وقبل الدعوة.

وفي نهاية هذا الأسبوع، التقى في إسرائيل ببعضهم مرة أخرى، بما في ذلك جد تم اختطاف حفيده في غزة، وتم إطلاق سراحه كجزء من صفقة دبلوماسية بوساطة قطر ومصر. وقال خان: “كان من المؤثر رؤية مدى سعادته بهذا الأمر”.

وعلى الرغم من أن هذه ليست زيارة رسمية منسقة مع الحكومة المحلية، إلا أن خان قال إنه يتعامل بجدية مع كل كلمة يسمعها في إسرائيل. وأوضح: “نحن بحاجة إلى التصرف بناءً على الأدلة، وليس على العواطف”.

وزار خان كيبوتس بئيري وكيبوتس كفار عزة في منطقة حدود غزة، وهما من أكثر المجتمعات تضررا في إسرائيل نتيجة هجوم 7 تشرين الأول /أكتوبر/،

كما زار موقع مهرجان نوفا للموسيقى، حيث قُتل أكثر من 300 شخص في ذلك اليوم. وتركت الزيارات انطباعا قويا لديه، وأشار إلى أنه سيكون «عاجزا تماما» إذا لم يتم فحص مثل هذه التصرفات.

وعلى عكس إسرائيل، التي ليست عضوا في اختصاص المحكمة، فإن السلطة الفلسطينية هي كذلك، وقد التقى خان بالقادة الفلسطينيين في رام الله يوم السبت.

وقال خلال مقابلته التي جرت مع صحيفة هآرتس، قبل لقائه برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، إنه يبحث أيضا في العدد المتزايد من الهجمات التي يشنها المستوطنون الإسرائيليون العنيفون من اليمين المتطرف ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، مشيرا إلى أن “يجب أن لا يشعر الناس أنه بسبب الحرب أصبح لديهم ترخيص لقتل المواطنين الفلسطينيين”.

وكان يبحث أيضا في العدد الكبير من الضحايا المدنيين في غزة منذ إطلاق العملية العسكرية الإسرائيلية هناك ردا على هجوم 7 تشرين الأول /أكتوبر/. وأضاف: “يجب الالتزام بقوانين الحرب”. “لا يمكن تفسير القانون بطريقة لا تتمتع فيها النساء والأطفال بأي حماية.” وستكون زيارته لرام الله، مثل زيارته لإسرائيل، الأولى من نوعها – لأي شخص في مكتبه، ولخان شخصيا. وقال لصحيفة هآرتس: “أتمنى أن أسافر إلى هنا في أوقات أكثر سعادة”. “كان بإمكاني الاستمتاع بجمال هذه الأرض وتنوع الناس.” وبدلا من ذلك، وجد نفسه يتجول في المجتمعات التي تعرضت للمذابح، ويجمع معلومات حول جرائم الحرب المحتملة.

ومن وجهة نظر الحكومة الإسرائيلية، التي رفضت التعليق رسميا على زيارته، فإن وصول خان يحمل عنصرا إيجابيا، خاصة تعرضه المباشر لأعمال العنف التي ترتكبها حماس. ومع ذلك، من غير المتوقع أن تغير إسرائيل سياستها الرسمية المتمثلة في عدم الاعتراف باختصاص المحكمة. ويتكهن البعض بأن هذا قد يكون بسبب الخوف من أن التحقيق في تصرفات حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر/ سوف يضفي الشرعية على التحقيقات في التصرفات الإسرائيلية قبل ذلك اليوم وبعده.

المصدر: هآرتس

الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال

بيان صادر عن الحركة العالمية للدفاع عن فلسطين

حول انحياز المدعي العام للمحكمة الجنائية كريم خان لدولة الاحتلال بإعلان زيارته التضامنية لها في تجاوز صارخ لطبيعة منصبه.

لقد تابعت الحركة العالمية للدفاع عن فلسطين التصريحات الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية يوم الخميس الموافق 30/11/2023 والتي تفيد بأن المدعي العام للمحكمة كريم خان توجه إلى دولة الاحتلال “بناء على طلب ودعوة” من ناجين وعائلات قتلى هجوم السابع من أكتوبر على حد تعبيرهم، وأوضحت المحكمة أن الزيارة “ليست ذات طبيعة تحقيقية”، لكنها “تمثل فرصة مهمة للتعبير عن التعاطف مع جميع الضحايا وبدء حوار”، وبذات الوقت لم يتطرق السيد خان لنيته زيارة قطاع غزة، ومقابلة ذوي الضحايا من الفلسطينيين الذين بلغ عددهم منذ بدء العدوان على قطاع غزة حوالي (16) ألف فلسطيني، بينهم 6150 طفلاً، وأكثر من 4 آلاف امرأة، إضافة إلى أكثر من (36) ألف جريح  و7000 مفقود تحت الأنقاض وفي حصيلة متزايدة وغير نهائية. لقد ارتكبت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين كافة الجرائم المنصوص عليها بميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية والتي يعمل كريم خان مدعياً عاماً لها .

إننا في الحركة العالمية للدفاع عن فلسطين سبق وأن حذرنا وأشرنا في بيان سابق صادرٍ بتاريخ 1 نوفمبر، 2023، بأن السيد كريم خان قد تجاهل طبيعة منصبه والصلاحيات الممنوحة له بموجب ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية عام 1998، عندما أعلن عن رغبته الشخصية لزيارة دولة الاحتلال ومقابلة الضحايا الإسرائيليين على حد تعبيره، وذلك أثناء زيارته للجانب المصري لمعبر رفح الحدودي مع قطاع غزة بتاريخ 29/10/2023، وبعد (22) يوم من بدء عدوان سلطات الاحتلال الإسرائيلي على القطاع. ومن المؤكد أن إعلانه عن هذه الرغبة في الزيارة كانت السبب لدعوته لزيارة دولة الاحتلال والسماح له بدخولها، رغم أن دولة الاحتلال غير منضمّة لميثاق روما المؤسس للمحكمة، بل وأقدمت على توقيع اتفاقيات عدم التسليم مع عشرات الدول في كافة أنحاء العالم في مواجهة أي إجراء قضائي دولي بحق قادتها ومواطنيها، بالإضافة بأنها لا تعترف بالمحكمة ولا تسمح بممارسة ولايتها عليها، الأمر الذي يجعل زيارة السيد خان غير ذات جدوى من الناحية القضائية، وهذا ما ينسجم مع ما أعلنت عنه المحكمة أن الزيارة غير تحقيقية لكنها تضامنية مع ضحايا دولة الاحتلال التي تستمر بعدوانها على الشعب الفلسطيني.

وبالتدقيق في زيارة السيد خان لدولة الاحتلال وجدت الحركة العالمية للدفاع عن فلسطين بأنّ هذه الزيادة شجعت على استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع وأعطت الضوء الأخضر لارتكاب مزيدٍ من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني بغطاء من المحكمة الجنائية الدولية التي يمثلها كريم خان، وتأتي زيارة خان إلى دولة الاحتلال في ظل استمرار القصف على المدنيين والمستشفيات وحرمان الشعب الفلسطيني من أبسط سبل استمرار الحياة، علماً إن الظروف القاسية والقتل المستمر للمدنيين الفلسطينيين كان من الأحرى أن يشكّل دافعاً لكريم خان بالقيام بمهامه الوظيفية التي يقتضينها منصبه وتقتضيها العدالة  أن يزور قطاع غزة تحت عنوان “زيارة للإنذار المبكر” ومطالبة سلطات الاحتلال أثناء وجوده إلى جانب ذوي الضحايا الفلسطينيين بوقف العدوان بحقهم، وأن يوجه من خلالها إنذارا مبكراً لمرتكبي جرائم الحرب المستمرة من قادة الاحتلال للتوقف عن جرائمهم من خلال تذكيرهم أن العدالة الجزائية للمحكمة الجنائية تنتظرهم.

وأخيراَ، إن هذه الزيارة التضامنية مع ضحايا دولة الاحتلال في ظل استمرار العدوان على قطاع غزة واستهداف المدنيين العُزّل تعدُُ سابقةً في قاموس منظومة العدالة في العالم، وإن هذه الزيارة الى “دولة الاحتلال تتجاهل ضحايا العدوان المستمر على قطاع غزة بشكل صارخ ومتناقض مع قيم العدالة الجزائية التي من المفترض أن تطبقها المحكمة، وإنّ هذه الزيارة تُظهر الانحياز الواضح لرواية الاحتلال المفبركة، التي روَّج لها المرتكب الحقيقي لجريمة العدوان في الحرب المعلنة على القطاع وهو سلطات الاحتلال الإسرائيلي، التي تستمر بعدوانها على قطاع غزة المحتل منذ حزيران عام 1967.

 

الحركة العالمية للدفاع عن فلسطين

حرر بتاريخ 1\12\2023

 

Scroll to Top