يقول الله تعالى ” لوشاء الله لجعل الناس أمة واحدة..”، “ولوشاء ربك لآمن من في الأرض جميعا”، “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأثنى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا..”، “ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم” كثيرة هي الآيات والشواهد القرآنية التي تؤكد على أن القاعدة من وجهة نظر إسلامية هي الاختلاف بين الناس وليس الاتفاق.
والسؤال البديهي إذا، هل يوجد مؤمن يتوقع من الله تعالى إلا الخير للناس جميعا؟ بالتأكيد لا وهذا يعني أن الاختلاف في أصله نعمة، غير أن إدارته وطريقة التعاطي معه، هي التي قد تحوله إلى نقمة.
ومن وجهة نظر الواقع والتجربة فإن الشخص لا يمكن أن يتقدم إلى الأمام بدون قدمين تختلفان في الحركة، إحداهما إلى الأمام والأخرى إلى الوراء.
إذا طالما أن الاختلاف قانون إلهي في الأرض وهدفه الخير؛ ما يعني بالضرورة أنه محرك للتقدم والتنمية المستدامة، وبدونه لا يمكن تحقيق التقدم.
ومن خلال النظرية والتجربة يتبين أنه لا يمكن لهذا الاختلاف أن يكون سبيلا للتطور والتقدم إلا من خلال الحوار بين المختلفين ليفيد كلا من الآخر.
وبعد صفنة صميدعية نجد أن هناك ثلاثة قواعد ليست لها رابع في أليات الحوار وهي إما “أن نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه”؛ تلك القاعدة تحفظ لكل منا موقعه أي (مكانك راوح).
أما بالنسبة للقاعدة الثانية، والتي هي “أننا لا نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويلعن بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه”، فتلك القاعدة تشدنا نحو التخلف والتحجر.
وتبقى أمامنا القاعدة الثالثة والأخيرة، وهي ما اسميه القاعدة الذهبية، والتي تتمثل “في التعاون فيما اتفقنا عليه، ومناقشة وحوار ما اختلفنا فيه”؛ حتى نصل إلى أرضية مشتركة يمكننا أن نبني عليها أفقًا ديمقراطيًا ومثقفًا ومستنيرًا.
في هذا السياق، تعتبر القاعدة الأخيرة المذكورة في السياق إحدى أهم الأدوات الأساسية لتحقيق حوار بناء والوصول إلى تفاهمات مشتركة.
وبناء على القاعدة الثالثة (الذهبية)، عندما نتعاون فيما اتفقنا عليه؛ نكون قد ثبتنا قواعد مشتركة تؤسس لبناء سيكون مشيدا.
ونناقش ونشارك في الحوار حول ما اختلفنا فيه، فنفتح باب تبادل المتغيرات والرؤى المختلفة. من خلال هذا، يمكننا التوصل إلى أرضية مشتركة تمهد الطريق نحو التقدم والديمقراطية والتنوير.
وحتى نخوض الحوار، فإن هذا يحتاج لقرار وهو لن يكون إلا إذا أمنا أن الاختلاف لا يعني الخلاف وأنه ليس عقبة أو تهديدًا، بل فرصة للتعلم والتطور، -وقد قيل: “إن نصف عقلك عند الآخر”- عندها يمكننا التوصل إلى حلول مبتكرة ومستدامة للتحديات التي نواجهها، ألسنا نسعى جميعا لما فيه الخير لنا، لذا دعونا نستخدم الحوار كوسيلة لتعزيز التقدم والتنمية في مجتمعنا، ونسعى جميعًا نحو مستقبل يجلب العدالة والازدهار.
الدكتور محمد خير الوزير