لا تلمس أصحابي

حنظلة 21

في عام 2017، كتب وزير الداخلية الحالي جيرار دارمانان مقالا بعنوان “الشعبوية الشعبية للسيد ماكرون” أكد فيها: “بعيدا عن أن تكون علاجا لبلد مريض، على العكس من ذلك، ستكون جرعة السم النهائية لفرنسا”[1].

السؤال الذي دار في ذهني منذ وصول دارمانان إلى السلطة كوزير للداخلية ومتحدث باسم تطبيق سياسة قمعية معممة، وكحالم باستنساخ مشروع معلمه السابق نيكولا ساركوزي (من ساحة بوفو إلى الإليزيه[2]):

هل سيحقق دارمانان بنفسه ما تنبأ به حول  الرئيس ماكرون اليوم؟

منذ ولادة رابطة حقوق الإنسان قبل قرابة 120 عاما، وباستثناء الصفحة السوداء للاحتلال النازي المسؤول عن اغتيال أحد مؤسسيها فيكتور باش، نادرا ما توجه زعيم سياسي فرنسي بمثل الهجوم العنيف لدارمانان على أقدم رابطة لحقوق الإنسان في أوربة. وعلى حد علمي، لم يشكك أي مسؤول حكومي في موضوع مخصصات رابطة حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية مثل وزير الداخلية هذا!

باعتباره لم ينجح في تجاوز مؤهلات البغيضة معلمه السابق تجاه أبناء الضواحي، سعى دارمانان لتعويض ذلك بتصريحات دنيئة في وصف حركة السترات الصفراء: “إنه الطاعون البني الذي ظهر” في باريس.

لن يتأخر في مهاجمة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي «لن تمنعه ​​من القيام بعمله كوزير للداخلية» (JDD 15/10/2023). “ليس هناك أي تابو أو محرم” يمكن أن يمنعه من: “حماية الفرنسيين”.

منذ تسلمه وزارة الداخلية، ومن خلال التصريحات والقرارات، كان وزير الداخلية أحد الأسباب الرئيسية لتزايد العنصرية والإسلاموفوبيا في فرنسا بشكل لا سابق له.

منذ 7 أكتوبر 2023، تجاوزت المواقف التي اتخذها وزير الداخلية الحدود. فهو يختصر دور وزير الداخلية في “بلد ديمقراطي” بالقول أنه “يتقاضى مرتبه مقابل القيام بعمله الذي يتلخص في كلمتين: “القمع والحزم “.. يطلق الاتهامات على مواطنين من أصول شمال إفريقية مؤيدين للقضية الفلسطينية، ويستغل منصبه لشن هجوم غير مسبوق على كريم بنزيما، الفرنسي المولود في ليون من عائلة جزائرية، ورمز نجاح مئات الآلاف من الجيل الثاني للهجرة، جيل يندر أن يجد مكانا يتناسب مع كفاءته ومؤهلاته،  في مجتمع فرنسي يعاني من أزمة.

لم تتح لي الفرصة مطلقًا لمقابلة جائزة الكرة الذهبية (أحد أفضل لاعبي كرة القدم في عصرنا)، لكنني أعرف جيدا، لأنني أعيش في مجمع مساكن شعبية HLM محاطًا بسكان الضواحي، أعرف ما الذي يمثله كريم بنزيما للمراهقين في ما اصطلح عليه بالأحياء الصعبة …

تابعت “النقاش” حول اتهامات دارمانان الباطلة لكريم بنزيما على BFMTV، كان الدليل الذي قدمه وزير الداخلية بسيطا: “أنا وزير الداخلية، ولدي إمكانية الوصول إلى معلومات معينة” (ماهي هذه المعلومات؟). مضيفا: “أنا مستعد لسحب تصريحاتي إذا…” (هكذا! أي أن المسألة لا تتعدى شانتاج رخيص من مسؤول حكومي! يريد أن يفرض على الناس ما يفعلون وما يغردون به).

أما آخر طلقة يوجهها لسائله: “لا تكن ساذجًا”.

السيد وزير الداخلية، أقول لك بالفم الملآن:

أفضل أن أكون ساذجًا من أن أكون عدوًا معلنا لدولة القانون في فرنسا، أفضل أن أكون ساذجًا من أن أكون عدوًا للسود والمسلمين في بلدي، أفضل أن أكون ساذجا من أن تكون معركتي مع الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان والمنظمات المناهضة للعنصرية، أفضل أن أكون ساذجًا وأفتح عيني على مجازر الأطفال الفلسطينيين في غزة، أفضل أن أكون ساذجا في تحذيري لكل مواطن ومواطنة في فرنسا من مخاطر وجود أشخاص مثلك في مواقع حساسة للمسؤولية.

وأجد من واجبي، كمواطن، أن أذكّر الرئيس ماكرون بما قاله دارمنان عنه في عام 2017: “بعيدًا عن كون ماكرون علاجًا لبلد مريض، سيكون على العكس من ذلك، السم النهائي لفرنسا”.

[1] Gérald Darmanin, « Le bobopopulisme de Monsieur Macron », sur L’Opinion, 25 janvier 2017.

[2] ساحة بوفو مقر وزارة الداخلية الفرنسية والإليزيه قصر رئيس الجمهورية.

حنظلة 21

Scroll to Top