بعدنا طيبين .. في الصدق الأمانة قصة المؤتمر الوطني السوري لاستعادة السيادة والقرار
الدكتور يونس كنهوش //
في مقابلة أشبه إلى فيلم بوليسي، يروي الدكتور مروان خوري ما يسميه كيف تم استبعاد المؤسسين والسيطرة على آلية اتخاذ القرار. وكوني شخصيا آسف لما آل إليه بعض الزملاء، ممن شاركناهم “الخبز والملح” لأعوام. أجد نفسي مضطرا لرواية القصة على حقيقتها.
يسأل الصحفي مروان:
متى بدأ العمل في اللجنة التحضيرية لـ المؤتمر الوطني ؟ وما الهدف منها ؟
فيجيب:
–منذ عام 2017 بدأنا بالعمل باللجنة التحضيرية التي انطلقت من تجمع عبر وسائل التواصل باسم “سوريا فوق الجميع “وهي عبارة عن منصة يتم متابعة نشاطاتها عبر تطبيق ( الواتساب)، حيث كنت جزء منها ، وكانت تضم إلى جانب عدد من الضباط المنشقين الذين اسسوا للفكرة، حيث كان انطلاق المبادرة بداية من طرفهم، إضافة إلى عدد أخر من الشخصيات السياسية والإعلامية المتنوعة التي زخرت بها المجموعة التي كان يشرف عليها كـ آدمن المقدم وائل الخطيب، والتي لم يكن الدكتور هيثم مناع ضمنها ، وقد بدأت اللجنة التحضيرية “النواة الصلبة ” عملها، وعقد اجتماعاتها لبلورة المبادرة في ذات العام 2017.
ما الذي حدث فعلا:
أطلق النقيب وائل الخطيب منصة على الواتس في 2017، وقام بجهد جبار لضم كل من يستطيع من مدنيين وعسكريين للنقاش والحوار تحت مبدأ “سوريا فوق الجميع”. تجاوب عدد كبير جدا من السوريين فطرح النقيب وائل في نهاية 2018 ضرورة تشكيل نواة صلبة من شخصيات سورية من عدة اتجاهات كما كتب يومها: “العمر إلكم الائتلاف مات وهيئة التنسيق في خبر كان وما في صوت سوري مستقل”. بدأ المشاركون اقتراح أسماء لهذه “الكتلة الصلبة”. وتم التوصل إلى أول قائمة بالأسماء التالية حرفيا من رسالة أرسلها الخطيب في 10 كانون الثاني 2019: “الجنرال طلال فرزات، الدكتور هيثم مناع، رجل الأعمال صفائي عرقاوي، الدكتور محروس سعود، الناشط الكوردي شيار هورو، الاستاذ خالد محاميد، الدكتور صلاح وايلي، الاستاذ عارف دليلى، الدكتور مروان خوري، الدكتور زكوان بعاج، العقيد مصطفى فرحات، المقدم أحمد سعود، الاستاذ غياث كنعو، الدكتور وليد تامر… موجود بالداخل، النقيب وائل الخطيب. (نعتذر للدكتور وانلي والدكتور دليله لأننا ننقل حرفيا رسالة الخطيب).
في اليوم نفسه كتب الخطيب لهيثم مناع: “تركنا لكم مجال لوضع أي أسماء تقترحونها .. استاذ هيثم بإمكانك تبعد أي اسم غير متوافق عليه”. بعد هذا التاريخ تم الاتصال مع اللواء محمد الحاج علي والأستاذ أبجر مالول والدكتور يونس كنهوش وكان العميد فايز عمرو والمهندس عبد الكريم آغا والمقدم عدنان طلاس مشاركين من أول اجتماع حيث جاوز العدد العشرين.
في أول اجتماع للكتلة الصلبة، اقترح هيثم مناع إطلاق مبادرة وطنية حول المشتركات بين أعضاء الكتلة الصلبة والدعوة إلى مؤتمر وطني عام. وتقديم ذلك في عريضة لجمع التواقيع عليها. وجرت الموافقة على الاقتراح وكلف مناع بكتابة النص. ونشرت المبادرة الوطنية السورية وفي مقدمة الموقعين أعضاء الكتلة الصلبة. كان النجاح كبيرا ووقع خلال ثلاثة أيام 500 سوري وسورية. فبدأ الهجوم على المشروع من كل حدب وصوب. وجرى الاتصال بالعديد من الأسماء شخصيا لسحب توقيعها. وسحب قرابة الستين موقعا تواقيعهم، بمن في ذلك، عضوان من الكتلة الصلبة. وعضوان آخران طلبا عدم ذكر اسمهم علنا لتلقيهم تهديدات من هتش. اجتمعت الكتلة الصلبة وقررت عقد اجتماع فيزيائي في جنيف لإعلان المبادرة رسميا. وكانت المفاجأة للجميع أن هذه البلبلة لم تؤثر على توافد التوقيعات والتأييد بحيث جاوزر عدد الموقعين والموقعات 2300 شخصا قبل اجتماع جنيف.
حضر معظم من تمكن من الحصول على فيزا من الكتلة الصلبة الاجتماع. ورفضت السلطات السويسرية إعطاء فيزا للمقدم طلاس والدكتور الصباغ “لأسباب أمنية” وأعطت في اللحظة الأخيرة فيزا للأستاذ سليمان الكفيري لكنه لم يتمكن من الحضور لتأخر إجابتها على طلبه. وفي اجتماع جنيف برز خطان: الأول يقول بضرورة تشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر تكون نواتها من حضر اجتماع جنيف فيزيائيا أو عن بعد، والثاني أن تبقى الكتلة الصلبة تشرف على التحضير للمؤتمر. وقد مالت الكفة للإتجاه الأول خاصة لأن عدة مناطق جغرافية لم تكن ممثلة في الكتلة الصلبة، ويغيب عنها التمثيل النسائي.
هكذا تشكلت اللجنة التحضيرية ممن حضر اجتماع جنيف فيزيائيا أو عن بعد بتاريخ 29 نيسان/أبريل 2019.
يتابع السيد الخوري روايته بالقول: “أحد الأخطاء التي وقعنا بها خلال عمل اللجنة التحضيرية هو عدم تحديد عدد الأشخاص الذين يحق لكل عضو دعوتهم للانضمام الى اللجنة، ففي حين أن الكثير من تيار الثورة ممن تمت دعوتهم الى المبادرة، لم يقبلوا الحضور بسبب وجود اسماء معينة في اللجنة التحضيرية أو في المؤتمر، في الوقت ذاته قام الدكتور هيثم مناع بضم عدد كبير جداً من أعضاء تيار قمح الذي يرأسه الى الهيئة العامة، وهو خطأ كبير تم تمريره، طالما كان الهدف هو إنشاء تحالف يمثل السوريين، وعلى الرغم من أن الدكتور مناع يمثل حالة سورية، فإن التيارات الأخرى الموجودة تمثل أيضاً تيارات سياسية قائمة ولها جمهورها، ووجودها الحقيقي، وكان الحفاظ على التوازن هو المطلوب ولكنه عمليا لم يتحقق”.
فيما يلي الوقائع: اقترح اللواء محمد الحاج علي أن يقترح كل عضو في اللجنة التحضيرية قائمة أسماء من عشرة إلى 15 شخصا للمؤتمر. وجرى بنفس الوقت الاتفاق على اختيار شخصيتين من كل محافظة لاقتراح أعضاء للمؤتمر من المحافظة التي ينتمون لها. وقد أرسل مناع قائمة بأسماء 15 شخصا فقط. في حين رشح الدكتور زكوان بعاج قائمة من 154 اسما، ولم يحتج أحد على ذلك. وفي اجتماع للجنة التحضيرية جرى الاتفاق على دراسة كل الترشيحات اسما اسما للموافقة عليها. وقد بقي العمل بهذه القاعدة حتى شهر مايو/أيار 2021.
عند تأجيل المؤتمر بسبب جائحة كورونا، وعدم وجود أجندة زمنية لعقده، قام ثمانية من اللجنة التحضيرية بتشكيل لجنة لوحدهم لعقد “المؤتمر الوطني السوري العام” ثم غيروا اسمهم إلى “المؤتمر الوطني الثوري السوري”. وكان منهم مروان الخوري. منعا للإلتباس وأيضا في المواجهة بين أصحاب المشروع الواحد، قررنا عدم الدخول معهم في أية مهاترات. وجرى الإتفاق على أن يكون اسم المؤتمر الرسمي: “المؤتمر الوطني السوري لاستعادة السيادة والقرار”. لم تنجح المجموعة المنشقة في التقدم وبدأت الخلافات تدب في صفوفها، فعاد قسم منهم للتواصل مع اللجنة التحضيرية، بمن فيهم السيد الخوري، بعد غياب دام قرابة العام. وقد صوتنا لعودتهم للجنة التحضيرية، نحن من يتهمنا بالسعي لإبعاده.
هناك خطأ حدث فعلا هو قبول أي شخص يرشحه عضو واحد من اللجنة التحضيرية في الأشهر الثلاثة التي سبقت المؤتمر. لكنني كنت مع عدد من أعضاء اللجنة التحضيرية ضد هذا. في حين أصر عليه الحاج علي والدكتور وانلي وسمير الهواش. وإذا عدنا إلى قوائم الأشخاص المرشحين من عضو واحد، نجد عددهم 58 اسما. حصة التجمع الوطني (وانلي) والحاج علي وسمير الهواش منهم 56 اسما. في حين رشح هيثم مناع اثنان فقط (بحجة أن اثنين من قائمته الخمسة عشر اعتذرا عن الحضور إحداهما لأنها من أقاربه والثاني لأنه اعتقل قبل المؤتمر بعشرة أيام). وأنا أطلب من المذكورين جميعا اللقاء في أي مكان يختارونه، لعرض هذه الاسماء واحدا واحدا. لأن الصدق أمانة والكذب خيانة. ولأن قسما من هؤلاء يعيش في الداخل السوري وليست مهمتنا تعريضهم لأي خطر. ومن المعيب على السيد الخوري أن يقول: “رفض الدكتور هيثم مناع كشف أسماء المشاركين من طرفه أمام اللجنة التحضيرية، مبررا ذلك بأنه لدواع أمنية ، فيما كان التخوف من قبلنا من وجود أسماء وهمية” لأن مناع أرسل لكل عضو من اللجنة التحضيرية أسماء من دعاه، حتى لا يتحمل مسؤولية توزيع الاسماء، وأرسل لنا جميعا على الواتس قائمة الأسماء التي رشحها.
يقول السيد الخوري: فوجئنا في اليوم الأول من المؤتمر بتوزيع قائمة باسم ” قائمة السيادة والمواطنة والديمقراطية ” وكان من الواضح أنها قائمة تيار قمح وفق الأسماء المتضمنة فيها إلى جانب عدد من الأسماء الأخرى… وهنا يطرح السؤال نفسه: لماذا لم يفاجأ عندما نشرت قائمة التجمع الوطني الديمقراطي التي نشرت على عدة مواقع باسم “اللائحة المقترحة للأمانة العامة في المؤتمر” التي وزعها التجمع الوطني الديمقراطي قبل اسبوع من المؤتمر؟ والتي اعترضنا عليها لأنها تحزب وتحالف سيضرب المؤتمر؟ ولم نسمع صوته في اجتماع التحضيرية عندما قال الدكتور وانلي هذا تكتيك سياسي معروف وعادي. ألا يوجد فيما يسميه “قائمة قمح” 18 شخصا من اللجنة التحضيرية بما فيه الخوري والحاج علي إلخ؟
يقول الخوري: “طرحت في اللجنة التحضيرية فكرة أن كل من يتم انتخابه للأمانة العامة يجب أن يتعهد بأن لا يكون له أي منصب في سوريا الجديدة، وقد خالفني بهذا الدكتور هيثم مناع، لابد أنه يذكر ذلك جديدا وأتمنى من الدكتور كنهوش أن ينشر تسجيل ما حدث في تلك الجلسة”، راجعنا التسجيل، وما قاله حرفيا مناع: “أنا شخصيا لست مرشحا لأي منصب حكومي ولست مرشحا في المؤتمر، لذا يمكنني الحديث بأريحية: “لماذا يمنع قيادي في جسم سياسي من الترشيح لأي منصب؟ بالعكس على هذا الجسم بناء كوادر قيادية لسوريا المستقبل”. وللعلم لم يؤيد أي عضو في اللجنة التحضيرية اقتراح الخوري وليس فقط مناع.
يقول السيد الخوري: “تيار قمح والمحسوبين عليه كما نعلمهم وكما تصرح علاقتهم به وتماهيهم معه حصلوا على أكثر من الثلثين”. طبعا هذه المقولة التي تشكل عقدة شخصية عند البعض والتي تقوم على مبدأ تبسيطي مضحك: “إما أن تختلف مع مناع وإلا تكون من قمح”.. الانتماءات السياسية لأعضاء الأمانة العامة كل واحد على رأسه، وهم أشهر من نار على علم، لذا الترويج لهذا الموضوع لا يستحق عناء الرد.
يقول السيد الخوري: “من المغالطات الكبرى التي تظهر حجم الخداع أن هيثم مناع وزع قائمة بأسماء حوالي 60 تجمعا مدعيا بأنهم شاركوا في المؤتمر”. على حد علمي، لا هيثم مناع ولا غيره، ادعى بأن 60 تجمعا شارك في المؤتمر. فهو ليس لهذه الدرجة من الغباء وقد كان مجمعا معنا على أن المشاركة في المؤتمر كمواطن ومواطنة، لا باسم أحزاب ولا كوتا لأحزاب. هناك قائمة أثناء توثيق انتماءات المشاركين في المؤتمر يخرج منها هذا الرقم. أليس السيد خوري كما قال في جنيف عضو في جود، بل قال بأنه لن يرشح لأي منصب في المؤتمر لأن هذا يتعارض مع وجوده في جود؟ أليس الأستاذ آصف دعبول عضوا في حزب البعث الديمقراطي (والأستاذ دعبول ليس عضوا وزوجته في تيار مناع يا سيد العارفين)، لم يكن دعبول في اللجنة التحضيرية باسم الحزب. هذه البدعة “الدعوة الحزبية” يمكن أن نحاسب عليها الذين قبلوا باستثناء التجمع كتنظيم سياسي أو دعا حزبا في اللحظة الأخيرة، وقال للإعلام أنه دعي كحزب وانسحب كحزب؟؟
يقول السيد الخوري: “الشخص الذي كان مشرفاً على تسجيل أسماء المرشحين وعد الأصوات، ومتابعة عملية الانتخاب تقنيا عبر الانترنت مان نفسه مرشحا للأمانة العامة”. عيب، لم يرشح أي من أعضاء متابعة العملية الانتخابية نفسه. وإن كنت تخلط بين من كان يتابع المشاركين عن بعد عبر الشات لضمان بقائهم وتعريفهم كيف يمكن العودة للاجتماع إذا انقطع النت وبين المشرف على تسجيل أسماء المرشحين وعد الأصوات، فهذه مصيبة.
لم يدخل أحد مئة صوت، ولا يوجد صوت وهمي واحد.. الاسماء موجودة والأصوات موجودة، وكما قلت أكرر: نحن على استعداد لمناظرة مفتوحة أمام السوريين حول المؤتمر مع من يشاء. وعلى استعداد للجلوس مع من يشاء من اللجنة التحضيرية لتقديم كل التفاصيل المتعلقة بالمشاركين والانتخابات وما جرى بعدها.
فقط نصيحة، للسيد مروان: “إذا كان عندك مشكلة أو عقدة شخصية مع هيثم مناع، روح حلها انت ومناع، ودع هذا المشروع الوطني الكبير والواعد، يكمل مسيرته، فقد أكملها عندما انسحبت من اللجنة التحضيرية لأكثر من سنة، وسيكملها بانسحابك اليوم.