السيدات والسادة أعضاء اللجنة التحضيرية،
تحية نضالية طيبة وكل الاحترام للجهود الكبيرة التي تقومون بها لإنجاح هذا المؤتمر المفصلي، بعد عقد من الأوجاع كان ديدن الصديق والعدو فيه، تغييب الصوت السوري الحر المستقل. ونعتبر تلبيتنا الدعوة لحضور المؤتمر واجبا وطنيا.
تلقينا الجزء الأول من الأوراق المقدمة للمؤتمر الوطني السوري لاستعادة السيادة والقرار كذلك مشروع النظام الأساسي. ولمعرفتنا بالشخصيات الوطنية التي أطلقت المبادرة وحرصنا على نجاحها، عقدنا أكثر من اجتماع عند بعد لمناقشة هذه الأوراق ومحاولة الإسهام في أفضل شكل يمكن تقديمها فيه. وقد نشرنا مقترحات إغناء وتعزيز للورقة الاقتصادية المستلهمة لملاحظات الاقتصادي السوري الدكتور سمير عيطة، ونقدم لكم في هذه الرسالة ملاحظاتنا وتصورنا لميثاق سوري جامع لميثاق الوطن والمواطن. (علما بأننا نعد ورقة أخرى حول النظام الأساسي والعدالة الانتقالية سنمدكم بها تباعا.
يبدأ مشروع ميثاق الوطن والمواطن بالقول: “توافقت أهم التيارات السياسية والمدنية في سوريا على جملة قواعد تأسيسية لدولة دستورية ذات سيادة. هذه المبادئ الأساسية يقترحها المؤتمر الوطني السوري على كل السوريين، أساسا للعقد المجتمعي الجديد بين كل السوريين”.
هذه الجملة تعني مراجعة اللجنة التحضيرية لأهم الأوراق التي طرحت خلال عقد زمني من الثورة على الدكتاتورية. وتعني أن محرري الميثاق قد حرصوا على نقاط التوافق وتجنب نقاط الخلاف أو الموضوعات الإشكالية. وسواء كانت الأوراق التي تصدت لهذه المهمة منذ مؤتمر حلبون 2011 وما أقره باسم “عهد الكرامة والحقوق”، أو مخرجات مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية الذي نظمته الجامعة العربية وحضرته مختلف أطراف المعارضة في 2012، أو ما توافق عليه سوريون شاركوا في مؤتمر القاهرة 2015، والمؤتمر الوطني الديمقراطي السوري 2017، ميثاق دمشق، ميثاق سوريا الوطني، عدة مشاريع حقوقية قدمت كمشاريع لدستور سوري جديد، مجلس المدونة السورية ومبادرة “نحو أسس لعيش مشترك ومحددات لعقد اجتماعي سوري”…
بمراجعتنا لهذه الوثائق نجد أن 22 مادة فقط من مشروع “ميثاق الوطن والمواطن” تشكل موضوع اتفاق بين مختلف الأطراف المذكورة، وأن هناك مواد، إما لم ترد أساسا، أو كانت موضوعا إشكاليا ووقع الاتفاق على عدم اعتبارها موادا أساسية في صلب عقد اجتماعي سوري لأنها تقع خارج اختصاص الميثاق الوطني، المفترض مبدئيا، أن يكون موضوعه:
الشعب السوري الواحد وسيادته،
اعتبار المواطنة أساسا لتنظيم العلاقة بين المجتمع والدولة،
دمقرطة مؤسسات الدولة
من هنا نقترح على مؤتمركم الموقر مناقشة المواد التالية حصرا في “ميثاق الوطن والمواطن” ومناقشة المواد التي لم نوردها في إطار البرنامج السياسي وخارطة الطريق.
نتمنى منكم، إعطاء وجهة نظرنا حقها بالمساواة مع مقترح اللجنة التحضيرية عبر نشرها على موقع اللجنة التحضيرية ووسائل النشر المختلفة التي سبق ونشرت نص اللجنة التحضيرية.
32 مناضلا ومناضلة معكم من أجل نجاح المؤتمر الوطني السوري
ميثاق الوطن والمواطن
توافقت أهم التيارات السياسية والمدنية في سوريا على جملة قواعد تأسيسية لدولة دستورية ذات سيادة. هذه المبادئ الأساسية يقترحها المؤتمر الوطني السوري على كل السوريين، أساسا للعقد المجتمعي الجديد بين كل السوريين. إنا نقترح على كل القوى الوطنية والاجتماعية هذه المبادئ كمشروع لميثاق وطني جامع لسوريا الغد. وطن سيد كريم لكل أبنائه، يقوم على قيم الحرية والعدالة والسلام، ويعتبر الدولة كيانا تاريخيا للوعي المعرفي الحضاري قائما على الشراكة والمواطنة المتساوية والمأسسة المدنية المستقلة عن كافة مكونات المجتمع وإيديولوجياته.
- الشعب السوري واحد، عماده المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات دون تمييز بين أبنائه بسبب اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو المذهب، المواطنة المرتكزة على أساس وفاق وطنيّ شامل “الدين فيه لله والوطن للجميع”، حيث لا يجوز لأحد فرض دينٍ أو اعتقادٍ على أحد، أو أن يمنع أحداً من حريّة اختيار عقيدته وممارستها.
- التأكيد على حقوق الإنسان، التي تتأسّس بين السوريين على الإلتزام بالمواثيق والعهود الدوليّة لحقوق الإنسان، أي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمدنية والثقافية والبيئية التي كرستها البشريّة. وضمان التمتّع بهذه الحقوق للمواطنين والمقيمين على السواء.
- الشعب السوري حرّ وسيّد على أرضه وفي دولته، وهما وحدة سيادية لا تتجزّأ ولا يجوز التخلّي عن أيّ شبرٍ فيها، وفي مقدمتها الجولان المحتلّ. وللشعب السوري الحقّ في النضال من أجل استعادة أراضيه المحتلّة بكلّ الوسائل التي أقرتها الشرعية الدولية لمقاومة الاحتلال.
- يعتز الشعب السوري بعمقه الحضاريّ والثقافي والدينيّ الثري والمتنوّع، ممّا يشكّل جزءاً صميميّاً من ثقافته ومجتمعه، ويبني دولته على قاعدة الوحدة في التنوع وحق الإختلاف، بمشاركة مختلف أطيافه دون أيّ تمييزْ أو إقصاء.
- تشكّل الحريّات الفرديّة والعامّة والجماعيّة حقا مشروعا غير قابل للتصرف، وتكفل الدولة الحريات العامّة، بما فيها حرية الحصول على المعلومة والإعلام، وتشكيل المنظمات غير الحكومية والنقابات والأحزاب السياسية، وحرية الاعتقاد وممارسة الشعائر، وحرية التظاهر والإضراب والاعتصام السلمية. تثبت هذه الحريات في الدستور، وتوضع القواعد القانونية لصونها من هيمنة عالم المال أو السلطة السياسية. كما تكفل الدولة السورية احترام التنوّع المجتمعي ومعتقدات ومصالح وخصوصيّات كل أطياف الشعب السوري، وتقرّ بالحقوق الثقافية والسياسية لكلّ مكوّناته وتطلّعها للتطور والرعاية.
- يكفل الدّستور حياديّة الدّولة تجاه الدّين والمؤسّسات الدينيّة، بما يضمن فصل مؤسّسات الدّولة عن المؤسّسات الدّينيّة، وعدم توظيف السّلطة للدّين، أو استغلال الدّين للسّلطة. وتستوجب حماية الإنسان وكرامته وسلامته على أرض سورية، تجريم المذهبية والطائفية السياسية والإرهاب والعنف.
- حماية البيئة والتراث الوطني والإنساني في سورية جزء لا يتجزأ من حماية الإنسان والوطن.
- إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الدستور الوطني، ويضمن الدستور إزالة كافّة أشكال التمييز ضد المرأة، ويؤكد على ضرورة خلق المناخ التشريعي والقانوني الذي يؤمّن تمكينها ومشاركتها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً فيما يتفق مع كلّ المواثيق الدوليّة ذات الشأن.
- الـتأكيد على احترام الدولة والدستور والقوانين لاتفاقية حقوق الطفل والتزامها، ووضع المعايير والسياسات الضرورية للرعاية الصحية والنفسية والتعليمية والخدمات الاجتماعية والمدنية والقانونية المتعلقة بالطفل.
- التأكيد على احترام حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة والجرحى والمعاقين، وتوفير مسلتزمات المشاركة التامة في العمل والنشاطات العامة والتواصل الاجتماعي والثقافي.
- سورية جزء من المنظومة الدولية وهي عضو مؤسّس في هيئة الأمم المتحدة والمنظمات المتفرّعة عنها، ولذا فهي ملتزمة بميثاقها، وتسعى مع غيرها من دول العالم لإقامة نظام دولي بعيد عن جميع النزاعات المركزية والهيمنة والاحتلال، نظام قائم على التوازن في العلاقات وتبادل المصالح والمسؤولية المشتركة في مواجهة التحديات والأخطار العامة التي تهدّد أمن وسلام العالم.
- الشعب هو مصدر الشرعية والعدل أساس الحكم الرشيد. تتحقق السيادة السورية في الربط العضوي بين الوطن والمواطن. في ظل النظام الجمهوري الديموقراطي ودولة المواطنة المدنية. دولة ينظم الدستور عقدها المجتمعي ويسودها القانون وتقوم على المؤسسات. ولا يجوز فيها الاستئثار بالسلطة أو توريثها بأيّ شكلٍ كان.
- تقوم مؤسّسات الحكم في الدولة السورية على أساس الانتخابات الدوريّة الحرة والنزيهة والفصل التام بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، ودسترة الهيئات الرقابية المستقلة، وعلى مبدأ التداول على السلطة عبر الانتخاب السرّي والحرّ، واحترام نتائج الانتخابات التي تنظمها هيئة عليا مستقلة ويقرر نتائجها صندوق الاقتراع.
- يقرّ دستور جديد أسس النظام الديموقراطي المدني ونظام انتخاب عصريّ وعادل يضمن حق مشاركة كافّة التيارات الفكرية والسياسية، ضمن قواعد تؤمّن أوسع تمثيل للشعب واستقرار النظام البرلماني، وتضبط بشكلٍ دقيق الموارد المالية وإنفاق الأحزاب والجماعات السياسية.
- الجيش السوري هو المؤسسة الوطنية التي تحمي البلاد وتصون استقلالها وسيادتها على أراضيها، تحرص على الأمن القومي ولا تتدخّل في النشاطات السياسية. وتحدد وظيفة أجهزة الأمن في نطاق حماية المواطن والوطن واحترام الحقوق الإنسانية الأساسية.
- تعتمد الدولة مبدأ اللامركزية الإدارية، بحيث تقوم الإدارة المحلية على مؤسسات تنفيذية تمثيليّة تدير شؤون المواطنين والتنمية في المحافظات والمناطق، بهدف الوصول إلى تنمية مستدامة ومتوازنة.
- تحمي الدولة أشكال تنظيم المجتمع المدني المختلفة. وتضمن تمثيلها ومشاركتها في القرارات التنفيذية والتشريعية وبناء السلطة القضائية المستقلة والهيئة الوطنية لحقوق الإنسان وهيئات المصالحة والمحاسبة والشفافية والرقابة الوطنية.
- تصون الدولة الملكية الخاصة، التي لا يجوز الاستيلاء عليها إلاّ للمنفعة العامة ضمن القانون ومقابل تعويض عادل، ويمنع القانون أي شكل من أشكال تجيير المال العام لمصالح خاصّة.
- تصون الدولة المال العام والملكيّة العامّة لمنفعة الشعب، وتقوم سياستها على العدالة الاجتماعية ورفع مستوى التنمية البشرية، وحماية الجماعات المستضعفة وإعادة توزيع الدخل والثروة عبر النظام الضريبي بين الفئات الاجتماعية وبين المناطق بما يرفع من مستوى دخول الفقراء ومستوى المناطق المهمشة، وكذلك على ضمان حريّة الاستثمار وفتح مجالات جديدة أمام المستثمرين والمبادرة الاقتصادية والمنافسة وتكافؤ الفرص وفتح الأسواق ضمن ضوابط تكافح الاحتكار والمضاربات وتحمي حقوق العاملين والمستهلكين.
- تضع الدولة السورية في مقدمة التزاماتها ومسؤولياتها الوطنية، تطوير وتحديث برامج التربية والتعليم، بما يستجيب لضرورة إعداد أجيال المستقبل المزودة بكل المعارف النظرية والتطبيقية والخبرات، التي تؤهلها لقيادة عملية التنمية في البلاد. إن نشر الثقافة العصرية الهادفة إلى تطوير الوعي الشعبي المستند على القيم العقلانية والموضوعية مهمة أساسية للدولة والمجتمع ومن واجب الدولة القضاء على الأمية.
- تولي الدولة السورية كل اهتماماتها لانتهاج سياسة عملية فعالة ترمي لتحقيق التواصل والتفاعل والتكامل بين السوريين المهاجرين والمغتربين، ووطنهم الأم، على أفضل وجه ممكن باعتبارهم جزءا أصيلا من شعبهم. بما يؤمن مساهمتهم الفعالة في خدمة وتنمية وطنهم والدفاع عن قضاياه العادلة وتقديم كل الخدمات الممكنة لهم. وفي هذا المجال فإن على الدولة أن تضع وتنفذ كل السياسات التي تحفز وتشجع كل الكفاءات والكوادر التي اضطرت لهجرة وطنها للعودة إليه للمساهمة في معركة إعادة الإعمار والتنمية وتأمين الإستفادة من خبرات وإمكانيات من لا تسمح لهم ظروفهم بالعودة القريبة.
- تلتزم الدولة السورية إزالة كافّة أشكال الفقر المدقع والتمييز ومكافحة البطالة بهدف التشغيل الكامل الكريم اللائق والإنصاف في الأجور، وحماية البيئة، وتأمين الخدمات الأساسيّة للمواطنين.