ذهبت امرأة للنبي عليه الصلاة والسلام
تجادله في زوجها وتشتكي الى الله،
قائلةً :
“لي منه اولاد اذا ضممتهم إليّ جاعوا واذا ضممتهم اليه ضاعوا” .
هذه المرأة من الناس لكنها صحابية .
ومن يستمع لها نبي (إنسان).
ومما ذكرت أمور معاشها كتأثير منطقي لوجود علة .
والله كذلك سمع شكواها .
نقلة بسيطة من هذا المشهد إلى حالتنا المأساوية في سوريا.
شكوى الناس وتذمرهم، قد يكون بمثابة إهانة لمن شبع يوم أن جاع الناس .
ولسان حال البؤساء يقول :
ميزانيات دول صرفت تكفي لإعالة شعب سورية ثلاثة أضعاف .
هنا الشكوى تكون منطقية .
بل تكون تعبير عن حالة ظلم واقعة أكثر مما هي مجرد شكوى .
صرخة لعلها تفلح بإيقاظ ضمير بعض ممن باعوا دينهم بدنيا غيرهم .
قد لا تكون شكوى أو تشكّي أو استجداء، بل قد يتعدى ذلك نحو كشف الستار عن لصوصية مبطنة أو فجة .
كيف لي أن أقنع إمرأة دفنت أولادها وزوجها وتكفلت بأيتام بعدهم ؟
تعيش بائسة في بقايا مخيم غارق بالوحل …
إن من ركب أحدث أنواع السيارات واشترى قصرا له في أرقى أحياء عواصم هذا العالم أو يستأجر أفخم شقق، ويتمتع بأفضل الخدمات …
هل فعلا هو إنسان يشعر بها ؟
خاصة إذا كان ذو وزنٍ ثوريٍ أو “قيادي” .
قد تكون صرخة تعبر عن غياب العدالة الاجتماعية
أكثر مما هي شكوى .
قد تكون صرخة تعبر عن استنساخ تجربة الأنظمة الحاكمة ولصوصيتها ورموزها
برموز جديدة ولصوص جدد لكن بأثواب مختلفة وإبر تخدير جديدة .
سيدك عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، لم يشبع وأبناء شعبه يتضورون جوعاً.
بل هو استمع لشكوى امرأة دعت عليه .
ولم يقل عجبي .!
بل استمع واتقى الله وعالج المشكلة .
وأقام العدالة بين الناس .
واسقط حد السرقة في عام الرمادة .
وأعيد، قد تكون شكوى الناس تشكل تأنيب ضمير لمن شبع يوم أن جاع الناس .
وقد تكون عذاب تذكر تلك الزمرة بنذالتها .
الزمرة التي ألبستها الثورة بناطيل .
قيادات الثورة التي تتمتع الآن بمزاياها في استنبول لوحدها بما تمتلكه من قصور وفيلات وسيارات ونفقات تعليم جامعية كفيلة بإطعام مخيم كامل للاجئين .
الموضوع هو صرخة غضب عن ظهور طبقة أثرياء وطبقة فقراء وغياب للعدالة الاجتماعية وهو أمر طبيعي ومنطقي وتعبير حقيقي عن حالة مظلومية يجب معالجتها .
بدل أن نطلب من الناس السكوت ،
علينا أن نسأل مالذي أوصلهم لهذه الحالة من التذمر .
وأنا أسألك من ؟
هل استبدلنا عائلة مخلوف وذو الهمة بعائلات جديدة، ولكن هذه المرة باسم الثورة .!!
عجبي .
نسرق الناس ونطالبهم بالسكوت