الوطن لا يبنى بالتخوين ولا بالاتكالية أو المحاصصة

صالح النبواني

الوطن يبنى بتعاون ومحبة وانتماء للوطن وللمواطنة دون تفريق أو مزايدة أو….

في الثورة السورية الكبرى لم يقاوم صالح العلي لأنه علوي بل رفض الدولة العلوية لأنه سوري ولم يناضل إبراهيم هنانو لأنه كردي، بل رفض دولة حلب لأنه سوري ولم يثر حسن الخراط لأنه سني بل رفض دولة الشام لأنه سوري ولم يتول سلطان الأطرش قيادة الثورة لأنه درزي بل رفض الدولة الدرزية لأنه سوري ولم يتول فارس الخوري رئاسة الوزارة لأنه مسيحي.. والقافلة تطول وتطول لكن لأنهم كانوا وطنيين بامتياز، هدفهم سوريا الوطن، عاشوا من أجل سوريا ولم يعيشوا من القضية السورية، لم يكن همهم المنصب أو السلطة أو المال. لذا انتصروا على سلطة الإنتداب الخارجة منتصرة من الحرب العالمية الأولى وأفشلوا مشاريعها التقسيمية.

هلت بشائر ثورة الحرية والكرامة من درعا في 18/3/2011 فكانت أولى مظاهرات التضامن مع درعا وأطفالها من السويداء مظاهرة الشموع في 25/3/2011. واستمرت المشاركة بكل أيام المظاهرات والجمع التي عمت سوريا إلى أن ظهرت أسماء الجُمع التي لا علاقة لها بالثورة ولا بالكرامة ولا بالحرية، ودُفعت القوى المذهبية للواجهة بدعم مالي وإعلامي لا سابق له، ثم أفرجت السلطات عن “الأفغان العرب” من سجن صيدنايا ليشكلوا فصائل جهادية تتصدر المشهد و….. بالطبع لا يعدم في وضع كهذا من يختار موقف الإمعة ويجري وراء التيار (نسقط النظام معهم ثم نزيحهم؟؟؟).. لكن هذا الموقف الإنتهازي يمكن أن يصدر عن قيادات انتهازية ووصولية ولا يمكن أن يصدر عن شعب؟

هل كان المطلوب من السويداء اثبات وقوفها مع “الثورة” التي اعتبرها الإخوان “امتداد للطليعة المقاتلة للإخوان؟؟ أو الجولاني ثورة أهل السنة والجماعة ضد النصيرية والرافضة؟  ماذا تثبت ؟؟ ولماذا تثبت أصلا ؟؟؟؟!!!!!!. والأهم لماذا التشكيك بحراك السويداء منذ اللحظة الأولى وحتى يومنا هذا ؟؟؟.

خلال سنوات الحراك في سوريا كان الهدف الذي بان أنه اتفاق غير معلن بين النظام وبين المعارضة الإخوانية على ابعاد السويداء عن الواجهة  فالنظام يريد إثبات أنه داعم للأقليات والمعارضة الاخوانية تريد اثباتا لمموليها، أنها معارضة سنية في مواجهة خطر إيراني شيعي وتشييعي.

وبعد انتهاء وهم الحسم العسكري، اعتبر الطرفان الباحثان عن السلطة (النظام والمعارضة الإخوانية- الجهادية) أن السويداء خذلتهما وكلا منهما حسب أجندته. فالنظام اعتبر ان المحافظة لم ترسل أبناءها للقتال الى صفه ولم تقدم ما كان مطلوب ومرجو منها وتستحق العقاب واراد تدميرها من الداخل وكان انتشار العصابات بتغطية واضحة منه  وما حدث عند هجوم داعش على المحافظة خير دليل بعد غياب كامل لكل أجهزة الدولة وميليشياتها والعصابات المؤتمرة بأمرها .

والمعارضة الاخوانية اعتبرتها لم تشارك بالثورة ولم تقدم ما كان عليها ان تقدم (رغم  مئات المعتقلين ورغم الشهداء الذين قضوا في المعتقلات ورغم احتضانها لأكثر من عدد سكانها من  كافة المناطق السورية واعتبروهم ضيوف رغم الوضع الاقتصادي المتردي لأهل المحافظة) وبالتالي لا دور لها في سوريا المستقبل .

محافظة السويداء ثورتها وحراكها مدني سلمي رافض للسلاح والذي اثبتت الأيام ماذا فعل في سوريا، ثورتها علمانية وتبحث عن دولة المواطنة وليس دولة الطوائف، عن دولة لكل السوريين وليس دولة لفئة أو قومية أو طائفة  أو دين .

السويداء ترفض الظلم والاستبداد والفساد وكذلك ترفض الخضوع لأجندات خارجية دينية كانت أم سياسية فآلاف الشهداء الذين ضحوا بحياتهم منذ الثورة السورية الكبرى وحتى وقتنا الحاضر كانت تضحياتهم من أجل السيادة الوطنية والشعار الذي رفعه سلطان الأطرش في الثورة السورية الكبرى ((الدين لله والوطن للجميع ))، شعار كل السوريين .. والجميع آمن وعمل به.

من أجل إعادة الحياة ولهذا الشعار بريقه ووهجه لابد للسوريين المؤمنين به أن يلتقوا في مؤتمر وطني جامع .. كي يعيدوا لسوريا الصفحات الناصعة من تاريخها، وللمواطن السوري كرامته وسيادته. بعيدا عن الإرتهان لحكومات خارجية هدفها المعلن توظيف جماعاتها في مشاريعها الخاصة.

 المستقبل الذي يليق بالسوريين لا يمكن إلا أن يصنع بأيديهم، بعيدا عن الاجندات والتبعيات الإقليمية والدولية .

صالح النبواني: عضو المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق الوطنية سابقا وعضو لجنة مؤتمر القاهرة. من مؤسسي تيار قمح (قيم،مواطنة، حقوق) وعضو الهيئة العامة للمؤتمر الوطني الديمقراطي.

Scroll to Top