أطلقت قوات النظام قبل أيام، سراح نحو 118 معتقل من أهالي مدينة درعا، وقال حينها قائد فرع الأمن العسكري بالمنطقة الجنوبية العميد بقوات النظام “لؤي العلي” أنّها (مكرمة من السيد الرئيس) حسب تعبيرهم ، بينما أكّدت مصادر محلّية بدرعا أنّ ذلك جاء نتيجة مفاوضات جرت مع النظام، ونشر نائب رئيس هيئة التفاوض السابق الدكتور “خالد محاميد“، على صفحته في تويتر، تغريدة أكّد فيها عملية التفاوض.
وللحديث حول ذلك التقت وكالة “ستيب نيوز”، بالدكتور “خالد محاميد” لمعرفة تفاصيل ما يجري بدرعا ودار الحوار التالي:
– هل لنا أن نعرف تفاصيل عن هذه المفاوضات وماذا كانت المطالب وماهي النتائج؟
– ليست مهمتي كشف وسائل عملنا، أنت تعرف أن المقاومة الفرنسية للاحتلال النازي لم تكشف شبكات ووسائل التواصل في ظروف الاحتلال إلى ما بعد التحرير، ولكن بالتأكيد، حالة النضج والدروس التي تعلمها أبناء سوريا خلقت مبادرات وأشكال نضال لحماية المواطنين والمواطنات يوم استقال المجتمع الدولي عن القيام بواجباته.
فمنذ الجلسة الفاشلة لمفاوضات جنيف في نهاية 2017، لم يعد هناك أية مفاوضات مباشرة بين النظام السوري والمعارضة، حتى مؤتمر الحوار الوطني في يناير 2018 لم يكن تفاوضاً، لأنّ السلطات السورية اعتبرت المشاركين من مؤيديها وليسوا طرفاً حكومياً، كل ما كان يجري سواء في الغوطة ودرعا بل حتى شرقي الفرات اليوم، هو ما يمكن تسميته توافقات عبر الضامن الروسي، وهي توافقات كما يقال باللاتينية “Ad hoc” أي محدودة الموضوع والزمان والمكان.
في أي منطقة نزاع مسلح، وفي حال غياب المفاوضات المباشرة لا بد لكل أنصار الحل السياسي من البحث عن سبل لتخفيف المعاناة والخسائر للمواجهات المسلحة التي تصبح عبثية ويحكمها المنطق التسلطي الأمني الضيق، وهنا لديك أحد خيارين، أن تشجب وتنتقد الوضع البائس وتبقى متفرجاً، أو تحاول المستطاع تخفيف الخسائر، طبعاً في حالة كهذه، تنشأ شبكات اتصال بين الأهالي والمعارضة المدنية لتنظيم أشكال المقاومة للعسف والقتل والاعتقالات.
للأسف الشديد، هذه المسائل ومنذ نقاط كوفي عنان الستة وحتى قرار مجلس الأمن 2254 من اختصاص الأمين العام للأمم المتحدة والمبعوث الدولي لسوريا، وعندما لا تقوم المؤسسة الأممية بدورها، يضطر الوطنيون للبحث عن سبل أخرى.
– خرج عدد من المظاهرات مؤخراً بدرعا، وطالبت بالإفراج عن المعتقلين، هل برأيك كان ذلك سبباً في الضغط على النظام لإخراج أولئك المعتقلين وهل هي وسيلة ناجحة لتحقيق المزيد من الضغط؟
– طبعاً، كما ذكرت لك، تعلم أبناء البلد دروساً كبيرة في المقاومة المدنية، وستبقى أشكال الاحتجاج قائمة وتتوسع في محافظة درعا وباقي المناطق.
لا يمكن الحديث عن استتباب الأمن والسجون مكتظة بالمعتقلين الذين يستلم ذويهم بشكل دائم خبر استشهاد أبنائهم تحت التعذيب.
– هل هناك مزيد من دفعات المعتقلين أم أنّ هذه الدفعة هي الأخيرة؟
– ما دامت أجهزة الأمن لم تدرك عقم الحل الأمني العسكري في معالجة المشكلات الحقيقية في المجتمع السوري، ستستمر أشكال المقاومة، فدفعة واحدة من الإفراجات لا تشكل سوى نقطة في بحر الاعتقالات، ولقد أوصلنا هذه الرسالة بوضوح للأطراف المؤثرة على النظام.
الطابة في ملعب السلطات السورية للإجابة على هذا السؤال: هل تريد فعلاً تخفيف القبضة القمعية عبر إفراجات وانفراجات جدّية أم فقط تهدئة مؤقتة لكسب الوقت.
– تحدث مكتب “توثيق الشهداء بدرعا” وهو جهة إحصائية بالجنوب عن أنّ معظم من خرج بهذه الدفعة اعتقلوا بعد عمليات المصالحة والتسويات التي حصلت بالجنوب، ومعظمهم لم يُعرض على القضاء ولا يوجد بحقه أي تُهم، ما قولكم حول ذلك؟
– هذا صحيح والصحيح أيضاً أنّ من أفرج عنه أقل من عُشر الذين اعتقلوا.
– تتحدث المصادر الأهلية بدرعا عن وجود مشاريع متعددة لطرف المعارضة بالداخل ووصف بعضها بالمشبوه، ما رأيك حول ذلك هل حقاً لا يزال يوجد هيئات أو تشكيلات معارضة بالجنوب السوري تفاوض أو تقاتل ضد النظام ومن معه؟
– عندما يتعهد طرف دولي (روسيا) بضمان الوضع الطبيعي لكل من شملته التسويات، ثم لا يتم احترام هذه النقطة، فإن المجتمع سيعتبر محقاً أنّ هناك عملية غدر وبألطف التعابير عدم احترام من قبل النظام لما تعهد به، ومن حق الناس الدفاع عن أنفسهم وذويهم، وما لم يفهمه النظام هو أنّ ثورة شعبية قد انطلقت من درعا من أجل التغيير، وما دام الوضع على سابق عهده، فكل عناصر المقاومة من أجل التغيير ما زالت قائمة، رغم كل التضحيات والخسائر.
– أخيراً، في إحدى التغريدات، طالبت بمؤتمر (سوري-سوري) للحل الشامل في البلاد، هل هذا يعني أنك تعتقد أنّ اللجنة الدستورية وما يجري اليوم في “جنيف” ليس حلّاً منتظراً للسوريين، ولن يحقق تقدماً في سبيل حلّ الأزمة؟
– لم تكن المسألة الدستورية، على أهميتها، في يوم من الأيام مركزية في مشروع الانتقال السياسي، المشكلة الرئيسية برأيي، أن القرار السيادي السوري قد انتزع قسراً، وبتواطؤ دولي وإقليمي بلّ وسوري، من يدّ السوريين، منذ 2011، حاولت مختلف الأطراف من “أصدقاء” الشعب السوري لحلفاء النظام، انتزاع القرار السوري من السوريين أنفسهم، وقد حاولنا عبر مبادرات عديدة، تنظيم مؤتمرات سورية مستقلة القرار سيادية القراءة مواطنية الخيار، وفي كل مرة، كانت الدول المتدخلة تسعى جهدها لإحباط هذا العمل أو ذاك.
اليوم، انكشفت وتعرت كل الأوراق، الإئتلاف لم يعد سوى “فترينة” لتغطية العدوان التركي، وما يسمى بالفصائل المعتدلة تشارك في أكبر تغيير ديمغرافي في سوريا منذ 1920، وهيئة التفاوض مجرد مجموعة من الموظفين العاطلين عن العمل التفاوضي، وتشكيل اللجنة الدستورية يغيب عنه الكفاءة والكاريزما والخبرات؟؟؟ حتى مخرجات سوتشي لا يتم احترامها فيما يتعلق ببناء جيش وطني وإعادة هيكلة أجهزة الأمن بشكل مهني يحترم حقوق الإنسان وتختزل في لجنة دستورية تتشكل بتوافقات روسية تركية؟
نحن بأمس الحاجة لجمع الوطنيين السوريين المخلصين للوطن والمواطنة، الذين لم تتلوث أيديهم بالفساد والدم والتبعية، من أجل صوت سوري يحمل رسالة المجتمع السوري للعالم، لقد سرقوا منا أي دور في تقرير مصيرنا، فهل نقبل بالتحول لأدوات لهذا البلد أو ذاك؟
الحل الأمني العسكري والجهادية الخمينية والقاعدية والإخوانية أوصلونا إلى الحضيض، على السوريين تقرير مصيرهم بدون تدخلات خارجية… ولا مخرج إلا في دولة المواطنة ذات السيادة.
نقلاً عن وكالة ستيب الإخبارية
حوار خاص|| خالد المحاميد يكشف ما يجري بدرعا ومستقبل الحلّ في سوريا