في طريق العودة من بكين، ووفق الشهادات التي جمعتها كركدن، دار حوار في غرفة المناضل عبد العزيز الخير مع هيثم مناع. ركز عبد العزيز على أن من المستحيل أن يغدر الروس بقياديي هيئة التنسيق وقد وعدوا ليس فقط بحضور مؤتمر الإنقاذ بل أيضا أن يستقبل السفير الروسي هيثم في المطار لضمان أمنه الشخصي كما قال بوغدانوف في بيت السفير الروسي بباريس لعبد العزيز وهيثم. هيثم كان حذرا وطلب من عبد العزيز العودة معه إلى باريس. في مطعم الفندق أخبر إياس هيثم بأن النظام لا يمكن أن يوجه طعنة لحلفائه، ولكن حالة الإضطراب تعطيه حجة تصرف غير مسؤول أو أنه لا يعرف. وأكد بأنه مهما كان تصرف النظام ضد قادة الهيئة فإنه عائد لدمشق لأن النضال من الداخل أجدى. في الطائرة جاور إياس هيثم وبدر منصور عبد العزيز. استغرب إياس أن هيثم يسمع أغنية لبوب مارلي، وقال له: ليست هذه هي الصورة عنك، الناس تتصور أنك لا تتقن سوى الحديث عن مخطوف هنا وعائلة معتقل هناك وأنك لا تعرف إلا القصص المبكية… أجابه هيثم بأن الموسيقى هي التي ستحرر الناس من أحزانهم الأبدية. كان النقاش يركز على توسيع جبهة معارضة الداخل أيضا وانتقد إياس وجود دراويش في الهيئة وحركته وقال بأنه ينظر إلى الشبيبة والمستقبل مع احترام تاريخ كبار السن. في مطار دبي ذهب عبد العزيز لجناح التدخين ولم يجل على باله لحظة أن يغير مسار رحلته. عندما هبطت الطائرة في مطار شارل ديغول تلقى هيثم هاتفا من فدوى: “هيثم لقد اعتقلوا أحب إنسانين لي في هذا الوجود”.
ولد إياس عياش في السادس من تموز 1960 ودرس هندسة الديكور في جامعة دمشق، ورغم أن والده من الجيل المؤسس لحركة الاشتراكيين العرب التي أسسها أكرم الحوراني، إلا أنه يعتبر من الجيل المجدد في الحركة حاملا نظرة نقد وتجديد للحركة.
ماهر طحان ابن الحراك الشبابي، يحب الحياة ولا يطيق التسلط والفساد، ولعل حالة التمرد الوجودية عنده طفلا ومراهقا وابن معتقلة قد صقل أفكاره الحرة مبكرا.
أما عبد العزيز، فقد شكل عقدة كعداء لنظام سياسي وظف الطائفية في عصبياته الأمنية، فخرج من عقر بلدته ابن عائلة عريقة أمضى عمره في النضال السري والسجن، في مسيرة تجمع تفاصيلها بين الأسطورة والألم. كان دائما يصر على أن الحقد السياسي مقتل الثوار وأن علينا أن نعض على أصابعنا للحفاظ على قوة التغيير للأحسن دائما، وأن لا نسقط في ردود الأفعال وأوحال النظام الأمني.
قام حاجز المخابرات الجوية باختطاف الثلاثة على مخرج مطار دمش الدولي حيث لا أثر لأي طرف مسلح آخر. وجرى اقتياد الثلاثة والسيارة إلى مطار المزة العسكري… من المضحك أن يصدق نائب وزير الخرجية الروسي بوغدانوف أن هذا الفرع لم يختطف الثلاثة لأن جميل حسن أقسم للسفير الروسي بأولاده أنهم ليسوا عنده. سعى رجاء الناصر وهيثم مناع عبر علاقاتهم مع الطرف الروسي وعدة أطراف إقليمية لكشف القصة وإطلاق سراح المعتقلين. فجرى اعتقال رجاء الناصر بعد عام في البرامكة، أي في قلب العاصمة دمشق. وهكذا ضربت السلطات الأمنية أهم أركان “هيئة التنسيق الوطنية” في الداخل.
لقد تأكد لكركدن.نت من مصادر موثوقة أن مكان هواتف المخطوفين كانت في اليومين الأولين في مطار المزة العسكري قبل تحطيم الشرائح من أجهزة الأمن… المسؤول عن الإعتقال هو مخابرات القوى الجوية. ولن تمر هذه الجريمة دون عقاب…
هيئة التحرير