من أجل المحاسبة في قضية رزان زيتونة وناظم حمادي وسميرة الخليل ووائل حمادة

ضد النسيان
من مضحكات ومبكيات الأيام، أن مناضلا حقوقيا سوريا كان وراء تبني منظمة العفو الدولية لشعار “ضد النسيان” وأن الحركة الحقوقية السورية تنسى رموزها المفقودين.
تسعى كركدن.نت لأن يبقى ضحايا القمع السلطوي والتطرف بيننا ومعنا. اختطافهم وصمة عار وجريمة على جبين المجرمين، ونضالهم نبراسا لكل الأحرار. لذا ننشر ونعيد نشر كل محاولة لكسر حلقة التغييب والصمت.
في القرن الماضي، دونت مؤسسات الأمم المتحدة شرعة دولية لحقوق الإنسان. وتقدمت المنظمات الحقوقية في توفير الوسائل الأساسية للوصف والتحليل والتقييم والشجب والبحث عن أفضل سبل الحماية في مجال حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والعدالة الجنائية. وصار طموح الحقوقيين الإنتقال من مجرد التشريح والإدانة إلى أن يكون القرن الواحد والعشرين قرن المحاسبة.
ومع جنوحات العنف منذ انطلاق الربيع العربي، حاول عدد كبير من الحقوقيين في بلدان الصراع توثيق ورصد الجرائم الجسيمة التي ارتكبتها السلطات الدكتاتورية في بلدانها من البحرين واليمن إلى سوريا وليبيا والمنظمات المتطرفة… وثمة ملفات كبيرة تطال المسؤولين الأمنيين وضباط كبار حكوميين أو من “حكومات الأمر الواقع”، مورطين حتى النخاع، في جرائم كبرى لا تزول بالتقادم، ولا تلغي “المصالحات الداخلية” مبدأ الملاحقة الجنائية الدولية لهم. وقد أشادت “كركدن.نت” بالملاحقات التي طالبت بها منظمات دولية وسورية ويمنية وليبية وبحرينية والفلسطينية إلخ من أجل تفعيل مبدأ الملاحقة القانونية سواء أمام المحكمة الجنائية الدولية أو بتفعيل مبدأ الإختصاص الجنائي العالمي في البلدان التي تقر بهذا المبدأ في نظامها القضائي.
في هذه الإطلالة، تتابع كركدن.نت التحقيقات التي قام بها ثلاثة محامين وحقوقيين بالتنسيق مع منظمة “العدالة من أجل السلام” و”جمعية حماية المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم العربي” PADDH لكشف مصير النشطاء الحقوقيين والمدنيين سميرة الخليل ورزان زيتونة ووائل حمادة وناظم حمادي الذين اختطفوا في دوما في التاسع من ديسمبر 2013. وعملا بمبدأ الشفافية، فقد توصل الباحثون في هذا الملف إلى تورط خمسة أسماء مباشرة في عملية الخطف ومعرفتهم المباشرة للمكلف بعملية التصفية الجسدية للنشطاء الأربعة. ومن هنا واجب القضاء التركي، فتح ملف التحقيق في خطف وتصفية النشطاء الأربعة مع هؤلاء الأشخاص، الموجودين في الأراضي التركية أو في مناطق تحت السيطرة التركية. وهؤلاء الأشخاص المتورطين هم:
1- عمر الديراني (أبو قصي الديراني) رئيس الهيئة الأمنية المشتركة منذ تشكيلها. وهو يتنقل بين تركيا ومدينة الباب.
2- سمير الكعكة، وهو الذي طلب من حسين الشاذلي تهديد رزان وفريقها في الإعتداء الذي سبق الخطف، وقال وفق أكثر من شاهد، لقد عذر من أنذر.
3- حسين الشاذلي (أبو عبد الله)، كان يعمل حلاقا قبل 2011، ضابط أمن الغوطة الشرقية لمختلف التشكيلات وقت وقوع جريمة الخطف. وهو يعيش في اسطنبول.
4- خالد طفور، القاضي الأول بالغوطة الشرقية والذي تهرّب من المسؤولية متهما حسين الشاذلي في عملية القتل.
5- أبو عمر سعدة (الملقب بابن تيمية) وهو أمني في جيش الإسلام وقاتل في عدة ملفات.

لقد أنكر أكثر من شخص من المذكورين أية علاقة بالقتل، وكل واحد منهم يضع الجريمة في حساب غيره ممن ذُكر أو آخرين. إلا أن الدلائل بحوزتنا، تثبت تورط هؤلاء في الجريمة وتثبت أن التوصل إلى تحديد المسؤوليات الجنائية تتطلب ملاحقتهم قضائيا وتقديمهم إلى محكمة عادلة بتهمة الخطف والقتل خارج القضاء لأربعة نشطاء سلميين.
من أجل تعريف الرأي العام بالنشطاء الأربع، يمكن مراجعة موقع “طلعنا عالحرية” وقد اخترنا من هذا الموقع مقالة للصحفي السوري كمال شيخو:

5سنوات و4 أشهر … رزان ووائل وسميرة وناظم! أين هم؟

قبل نحو 5 سنوات و4 أشهر وتحديداً في التاسع من شهر كانون الأول (ديسمبر) من العام 2013، اقتيدت رزان زيتونة وناظم حمادي وسميرة الخليل ووائل حمادة إلى جهة مجهولة. يمضي الزمن بسرعة دون معرفة أي معلومات عن مصيرهم. ولا يعلم أحد مكان احتجازهم أو إن كانوا لايزالون على قيد الحياة!
الرفاق الأربعة كانوا ناشطين بارزين في مجال حقوق الإنسان. عملوا طوال سنوات اندلاع حركة الاحتجاجات في سوريا ومن قبلها، لكنهم اختطفوا عشية ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان؛ ومع احتفال العالم بهذه الذكرى في 10 كانون الأول (ديسمبر) من كل عام. هذا اليوم له رمزية لدى نشطاء وجماعات حقوق الإنسان، لكن رمزية تاريخ الاختطاف وتوقيته لدى الجماعة أو الجماعات التي قامت بالجريمة، كانت بمثابة رسالة إلى نشطاء حقوق الإنسان والمجتمع المدني في سوريا، مفادها: “أنّ العدالة والحريات لا مكان لها في زمن الحروب”.
شخصياً، انتقلت نهاية عام 2005 إلى العاصمة السورية دمشق طلباً للدراسة، آنذاك كنت أنشط بمجال حقوق الإنسان وتعرفت على الشخصيات الأربعة.
فالمحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان رزان زيتونة، من مواليد دمشق سنة 1977. تخرجت من كلية الحقوق بجامعة دمشق عام 1999، وفي سنة 2001 بدأت عملها كمحامية تحت التدريب.
منذ يومذاك، وهبت رزان نفسها للدفاع عن المعتقلين والمعارضين السياسيين، كانت تترافع عنهم أمام المحكمة العسكرية بدمشق، وتتابع قضاياهم في دوائر القضاء المدني ومحكمة أمن الدولة العليا.
كل يوم إثنين من الأسبوع كانت رزان تذهب إلى مقر محكمة أمن الدولة القريب من ساحة السبع بحرات وسط دمشق، لتستمع إلى شكاوى أهالي المعتقلين المحالين إلى المحكمة سيئة الصيت، وتوثق حالاتهم وطريقة الاعتقال وتجمع المعلومات الخاصة بهم.
وبعد انطلاقة الانتفاضة الشعبية المناهضة لنظام الحكم في سوريا ربيع عام 2011، كانت رزان من بين مؤسسي لجان التنسيق المحلية في سوريا، وفيما بعد أسست مركز توثيق الانتهاكات في سوريا.
إلا أن الملاحقة الأمنية من قبل أجهزة المخابرات السورية، أفقدتها قدرتها على التحرك والتنقل؛ الأمر الذي دفعها للهروب والنزوح إلى مدينة دوما، مسقط رأس شريك حياتها وائل حمادة. وبقيت في دوما قرابة ثمانية أشهر، بعدها اختطفت مع زوجها ورفاقها سميرة وناظم.
أما الناشطة سميرة الخليل، وهي من مواليد قرية المخرم فوقاني 1961، والتي تنحدر من مدينة حمص وسط سوريا، فقد أمضت أربع سنوات في سجون نظام الأسد الأب بين عامي 1987-1991.
التقيت بها في 17 تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2006، يومها كانت ذكرى اليوم الدولي للقضاء على الفقر. نظمنا اجتماعاً بمكتب الصحافي والكاتب السوري فايز سارة، مع عدد آخر من الأصدقاء للبحث في إمكانية إطلاق جمعية تعنى بالفقر، وتقديم مبادرات وأفكار لمشاريع صغيرة ومتوسطة لتعيل الأسر والعوائل الفقيرة، سيما بالريف السوري. سميرة وبحكم تجربتها بعد خروجها من المعتقل، كانت لديها عشرات الأفكار.
وفي 18 أيار (مايو) من العام 2013 قررت سميرة الهروب إلى غوطة دمشق الشرقية، لتلتحق بزوجها الكتاب السوري ياسين الحاج صالح، ورفيقتها رزان زيتونة حيث سبقاها بمدة قصيرة.
بدأت سميرة تعمل في غوطة دمشق، تروج لحملة المشاريع والورش المنزلية الصغيرة، وكانت نساء وفتيات الغوطة يترددن إليها بمقر مركز توثيق الانتهاكات في دوما، للتدرب والتعلم على إنشاء هذه المشاريع.
أما وائل حمادة، زوج رزان وشريكها بالنشاط السياسي والحقوقي. اعتُقل وعُذّب مرتين لدى المخابرات الجوّية في دمشق بداية الثورة، لكنه بقي يناضل بالمجال الحقوقي، وعمل في الإغاثة وفي توثيق الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها النظام السوري والفصائل المقاتلة.
وائل من مواليد دوما التابعة لغوطة دمشق الشرقية سنة 1976. قبل اندلاع الانتفاضة كان وائل يحضر غالبية جلسات محاكمات المعارضين السياسيين ويتابع قضاياهم. قرر أن ينتقل إلى دوما برفقة زوجته بعد خروجه من السجن، وتابع نشاطه حتى آخر لحظة قبل اختطافه.
بينما ناظم حمادي يعد أحد أبرز الناشطين الحقوقيين الذين عملوا قبل الحراك الشعبي وبعده؛ فهو محام وشاعر عمل في الحقل المدني والحقوقي منذ بدايات ربيع دمشق مع الألفية الجديدة. كما كان متطوعاً في فريق الدفاع عن معتقلي ربيع دمشق وإعلان دمشق.
عمل في بدايات شبابه ممثلاً مسرحياً، قدم مسرحيتين قام بدور البطولة فيهما، لكن لم تلقيا الصدى الذي تمنّاه. كما له ديوان شعر مطبوع.
بقي ناظم في دمشق إلى صيف العام 2013، يعمل ويتنقل بين أزقة دمشق. يلتقي الناشطين والناشطات في لجان التنسيق. كان مطلوباً للمخابرات السورية، مما دفعه أخيراً للالتحاق برفاقه في الغوطة. وانضم لفريق مركز توثيق الانتهاكات في دوما. لم يكن قد مضى على وصوله إلى دوما سوى خمسة أشهر حين اختطف مع باقي رفاقه.
لرفاقي الأربعة، رزان ووائل وسميرة وناظم: الحرية لكم ولكل السوريين والسوريات، المختطفين والمختطفات، والمغيبين والمغيبات والمختفين والمختفيات.

كمال شيخو
صحفي سوري، عمل مراسلاً لعدة وكالات دولية وكتب في صحف عربية وغربية ومواقع سورية.
مقالة شيخو عن موقع:
https://freedomraise.net/5-%d8%b3%d9%86%d9%88%d8%a7%d8%aa-%d9%884-%d8%a3%d8%b4%d9%87%d8%b1-%d8%b1%d8%b2%d8%a7%d9%86-%d9%88%d9%88%d8%a7%d8%a6%d9%84-%d9%88%d8%b3%d9%85%d9%8a%d8%b1%d8%a9-%d9%88%d9%86%d8%a7%d8%b8%d9%85/

Scroll to Top