العطب والدلالة في الثقافة والانسداد الديمقراطي
أفتتحُ هذه الدراسة من حيث يمكن أن أختتم: لم تعرف الإنسانية بعدُ، وربما لن تعرف أبداً، إجتماعاً بشرياً مكتمل الديمقراطية. فما زالت إشكالية المواءمة بين الحرية والعدل (وهما إجتماعيان بالضرورة ماداما يحدثان في التاريخ، أي في الزمان والمكان)، تطرح نفسها بقوة على الأجيال المتعاقبة منذ وجد اجتماع بشري منظَّم، أي مركَّب ومتراتب في فئات وجماعات متمايزة ومتعينة. وما زال الفساد السياسي، أي استغلال السلطة لأغراض المنفعة الشخصية والتمايز الإجتماعي، واحداً من أكبر الأعطاب التي تنخر جسم الإجتماع البشري اليوم، وفي الأصح أفكار الناس عنه وأساطيرهم بخصوصه. وتمثِّل التفاوتات الاجتماعية بين الناس (بين الشعوب، بين الأجيال، بين الرجال والنساء، بين الفقراء والأغنياء، بين الحائزين على السلطة والمحرومين منها)، تمثِّل النقد الأكثر إيلاماً وقوةً جارحة لكل فكرة عن الحرية، من ناحية، وحافزاً عميقاً لكل تأمِّل في الإجتماع البشري، السياسي بالتعريف، من ناحية ثانية.
(محمد حافظ يعقوب)
[pdf-embedder url=”http://karkadan.org/wp-content/uploads/2019/06/Atab-wa-dalala-1.pdf”]