إن العقل الواعي المتحرر المتأمل هو أحسن ما في الإنسان، بل هو أنبل ما يميزه عن الحيوان، وهو الأداة القيمة القادرة على رفع الإنسان ومنعه من أن يتحول إلى سائمة اجتماعية ترعى التقاليد، أو إلى شيء من الأشياء الجامدة أو المتحركة الخاضعة في جمودها وفي تحركها لإرادة المجتمع هذا هو أول منطلق حقيقي لسامر، المثقف الفلسطيني السوري .
ينطلق هذا الرجل التاجر المثقف من إيمان بالعقل مطلقاً مع حفظ حقيقة كنه الدين بعيداً عن التدجين أو الاحتواء ويكون ذلك الاحتواء:
بالتنميط الفكري وبتضييق نطاق عمل العقل وحصره في حفظ المتون الجاهرة وترديد الشعارات السهلة.
فرض جدران العزلة على العقل : فلا نظر ولا بحث علمي رشيد، ولا دراسة لرأي المخالفين، ولا جدل ولا حوار معهم يتحرى الحق.
العيش في جلباب الماضي أو بتقديس السابقين، ومجرد تقديسك عقل غيرك يعني حتما إلغاء عقلك أنت أو بالاحتراز المسرف من الوقوع في خطأ نتيجة الاجتهاد. على أن التعلم غير الحفظ وغير التقليد، فالتعلم غذاء للعقل وانفتاح، والحفظ مسخ للعقل، والتقليد طمس للعقل يجعله حيوانا معصوبا يدور في ساقية.
يكفر الرجل بالأسطورة السياسية والخرافات الشعبية التي تتمسح بجوخ العلم وتتقوى بعصي السلطة ويرى أن للخرافة الدور الأكبر في تقليل أو إلغاء هامش الحريات، التي يقف العقل خائفا أمام فحصها فحصا انتقاديا، أو قد يجعل المفكر يتعامل مع قضاياه تعاملا انتقائيا، وقد لا يذهب بعيدا في معالجته النقدية.
يؤمن سامر أن سعادة ونجاة الإنسان بإطلاق بواعثه البحثية بعيداً عن الحجر والإكراه والإملاء والاحتواء.
أن تحارب العادة الثقافية والسلطة السياسية المستبدة بالإكراه فأنت مثقف حسب تصور المثقف الفلسطيني السوري سامر، ليس هذا الرجل من حملة اليراع لكنه مكتنز بالورع الأخلاقي والسيف الفكري في مواجهة مافيا السياسة ودراويش التدين والسائد من الفكر الراكد
…
يصف الأستاذ سامر المفكر بالخائن (لأنه دائما يرتكب خيانة عظيمة، هكذا قدره، وهذه الخيانة تتجلى بأنه يصرخ دائما عكس السائد، ألم يتهم سارتر بخيانة فرنسا عندما كان ضد احتلال الجزائر؟) هكذا الرجل لم يقبل بمنطق الإذعان للسلطة وانتقل إلى التمرد المعقلن وحذر من حوله من الاكتفاء بالتفرج.
يقول الأستاذ سامر :
في ظل الأزمات الكبرى، عندما يكون الاصطفاف القطعاني على أشده، يطالب المفكر بأن (ينصر قومه) أولئك المحسوب عليهم، ولأنه ليس قطعاني، يرفض، يحذر ويرفع صوته فلا تناله إلا لعنات المجموعات (المحسوب عليها).
يهتم الرجل بجانب تصحيح الغش الثقافي فالثقافة لها جيش غير منظور وسلاح فعال ، ولكن اهتمامه بالنقد الثقافي بقدر اهتمامه بالشأن السياسي، بقدر ما يحترس من أن تبلعه الثقافة ونقدها عن فهم السياسة، وممارساتها واثرها على العقل والحياة والثقافة أيضاً.
وكثيراً ما يردد قولاً مهماً: القـداسة هـي ان تموت للناس بدمك، لا ان تموت لله بلحيتك…
يفكر هذا الإنسان الخلوق بطريقة تواصلية لا تدابرية ويربط الراهن بالمستقبل والحاضر بالماضي.
يحاول أن يقوم الفكر على ثقافة بعد النظر، يرصد هفوات الممارسة السياسية وتقديراتها وتصوراتها بعقل ناقد، يُنبِّه من حوله من خلال منشوراته على صفحته الفيسبوكية إلى هفوات السياسي وإلى تبريراته غير المقنعة، كما يحارب في ذات الوقت الرهق الثقافي وهشاشة الفهم.
هذا قدر المثقف وهذه لعنته على حد تعبيره في أحد منشوراته.
المثقّف ليس بالضرورة الإنسان المؤلف، أو مَن اكتسب معلومات انسيكلوبيدية في هذا أو ذاك الحقل.
المثقّف هو الذي يملك وعياً شمولياً يتجاوز المعطيات الثقافية العادية. ويملك، عن طريق هذا الوعي، أن يقدّم رؤيا تتجاوز مصالحه الذاتية إلى المدى الأوسع في المجال الاجتماعي العام أو السياسي العام أو الثقافي العام. المثقّفون هم الذين يعيدون النظر باستمرار فيما يرثونه من أفكار ومواقف لأن الثقافة هي فعل مراجعة ونقاش وجدل. وهكذا فإن المثقّف الحقيقي هو الذي ينظر إلى الموروث والمعطيات الثقافية الراهنة نظرة ذاتية، أي نظرة تمرّ به، بتجاربه ومفاهيمه الخاصة. بهذا المعنى لا يمكن للمثقّف، حتى يبقى مثقّفاً بالفعل، أن يكون ” مثقّف بلاط ” أو “بوقاً للسلطة “.
قبل ثمانينات القرن الماضي كان على المثقّف أن يكون ملتزماً، ليبرالياً أو ماركسياً أو قومياً أو إسلامياً، يناضل في سبيل تحديث المجتمع العربي. وكان النضال يرتكز على إيديولوجية واضحة المعالم وعلى هوية وانتماء.
مع سقوط جدار برلين وانفراط عقد الأممية الشيوعيّة، سقطت الإيديولوجيات القومية والشيوعية والعلمانية ـ كما يتردّد كل يوم على مسامعنا ـ وبرزت ” القرية الكونية ” تحت مسمّى “العولمة” في جميع أشكالها وأبعادها.
وراح نموذج المثقّف ينحسر ليحل مكانه نموذج ” الناشط ” في أكثر من مستوى وميدان؛ في ميدان حقوق الإنسان، وحماية البيئة، وإرساء دولة القانون، والمواطنة…
إنها ورطة فكثير من الناشطين مخزونهم الثقافي يحتاج إلى رصيد !!!
لا يقبل سامر تشويه الحقائق وتزيينها واللعب على ضمائر الناس فالخنازير تبقى خنازير ولو وضعت لها أحمر الشفاه.
ولأن الدين في خدمة الإنسان لا في قهره ولأن الدين حرية وعقلانية وليس همجية ولا دموية فإنه يعلن وبلا مواربة أن من يفرح بقتل المدنيين بل يحرض على قتلهم لا يستحق من أن يكون ملعوناً وشيطاناً… وفي استهزاء بعقل المتطرف يقول سعد أخشى ما اخشاه ان يكون للدويلات الاسلامية سجلات الكترونية لصور عائلاتنا يحاسبوننا عليها إذا ما وقعنا في قبضتهم
ومن مواقفه الميدانية الأخلاقية سعيه الدؤوب لمساعدة المحتاجين والمعوزين وأذكر أني ما طرقته مرة لمساعدة فقير إلا لبى كيف لا وهو يؤمن فلتذهب هذه الأموال للجحيم طالما انها اولا واخيرا لن تلج جيوب الفقراء .
المال سلاح لكنه في يده نحو بسمة فقير ومساعدة مريض وإعانة امرأة جار عليها الزمن يقترب من الناس وهمومهم ويبتعد عنهم، تُؤنسه أسئلة العقل والحيارى ويأنس إلى إجاباته المفردة. لكنه، في الحالين، لا يعطيهم أجنحة ولا يصدر من فراغ. قال بعض العارفين: “لو كانت الغالبية أرواحاً من ذهب، لبحث المثقف عن منفى من تراب” .
الدكتور علاء الدين آل رشي